إني إذا رأيتُ أمرًا منكرًا ... أجّجْتُ ناري ودعوتُ قنبرًا
وفي رواية: لما رأيت الأمر أمرًا منكرًا إلخ ١.
فهؤلاء هم المسلمون الذين لا يكفرون، وتسمية من عبد غير الله مسلمًا فهو إلى أن يعالج عقله أحوج منه إلى أن يقام عليه الدليل.
الأمر الرابع من الأمور التي يجب التنبيه عليها: أن من مكايد الغلاة التي كادوا بها العوام أنهم يقولون: إن الاستغاثة بالأموات، وندائهم في المهمات، وشد الرحال لزيارة قبورهم، وتقديم قرابينهم إليها ونذورهم؛ هو من علامات محبتهم، والتقرب بقربتهم، ومن أنكر ذلك وأبى ما هنالك، ونهى عن زخرفتها وإيقاد السُّرُج عليها، وبناء المساجد عليها، وقصد أهلها في طلب الحاجات، والالتجاء إليها في المهمات؛ فهو من المبغضين للصالحين، والمنكرين لكرامات الأولياء والصدّيقين! إلى غير ذلك من أقوالهم المناسبة لضلالهم، كبُرت كلمة تخرج من أفواههم. فإن من أنكر مثل تلك البدع والضلالات هم المحبون لهم، والمحافظون على هديهم وطريقتهم، وأما هؤلاء الغلاة وأعداء الهداة، فقد أفسدوا الدين، وسدّوا طريق الموحّدين، يعرف ذلك من وقف على أحوالهم، وما قالوه
_________
١ الخبر أخرجه: الآجري في "الشريعة" (٣/٥٥٩/٢٠٦٦، ٢٠٦٧، ٢٠٦٨) وابن الأعرابي في "معجمه" (١/٥٦/ ٦٧) وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (٢/ ٣٤٢- ٣٤٣) وابن عبد البر في "التمهيد" (٥/ ٣١٧) والبلاذري في "أنساب الأشراف" (٢/ ٣٩٣- ٣٩٤- ط. دار الفكر) وابن المؤبد الجويني في "فرائد السمطين" (١/١٧٤) من طريق: خارجة بن مصعب، عن سلام بن أبي القاسم، عن عثمان بن أبي عثمان به.
وإسناده ضعيف.
خارجة بن مصعب "ضعيف؛ يدلّس عن المجهولين الكذابين".
وعثمان بن أبي عثمان: "منكر الحديث مجهول" كما في "الميزان".
لكن للحديث طرق أخرى، ذكر بعضها الحافظ في "الفتح" (١٢/٢٨٢) وحسّنها.
والخبر ذكره: الملطي في "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" (ص١٨) والجوزجاني في "أحوال الرجال" (ص ٣٨) وابن القيم في "الطرق الحكمية" (ص ١٥) والذهبي في "ميزان الاعتدال" (٢/٤٢٦- ط. الحجاوي) أو (٢/ ٤٠٤- ط. العلمية) وغيرهم.
1 / 54