بالوهَابية، وبالمنكرين ونحو ذلك، وقد برأهم الله تعالى من كل ما لا يرضيه سبحانه، ومعلوم أن المسلمين من يعتقد عقيدة الإسلام، وقد فُسِّرت في حديث جبريل المشهور١، فمن كان معتقدًا تلك العقيدة كان مسلمًا، ولا يخرج عن الإسلام إلا إذا أخل بتلك العقيدة، كأن يعتقد أن مع الله إلهًا آخر يعبده بأي عبادة كانت، فإنها أنواع مختلفة، فحينئذ يخرج عن الإسلام، ولا يقال لمن عبد غيره تعالى مسلمًا، ولا لمن كفّره أنه كفر مسلمًا، ومنه يُعلم أمر الغلاة، وأما أهل البدع فلم يكفَرهم أهل الحق.
وقد سئل شيخ الإسلام عن المسائل التي وقع فيها خلاف ونزاع بين أهل السنة والخوارج والروافض فهل يستوجب ذلك التكفير؟ فإنهم كفّروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه، وأصلوه، ووضعوه، وذهبوا إليه وانتحلوه.
فأجاب الشيخ بقوله: "أصل التكفير للمسلمين من الخوارج والروافض الذين يكفّرون أئمة المسلمين بما يعتقدون أنهم أخطؤوا فيه من الدين، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ المحض، بل كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ، وليس كل من يترك قوله لخطأ أخطأه يكفر ولا يفسق ولا يأثم، فإن الله قال في دعاء المؤمنين: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ ٢. وفي الصحيح عن النبي ﷺ:"أن الله قال: قد فعلت" إلخ٣.
وقال ﵀ في أثناء كلام له في النهي عن التفرق والاختلاف وترك التعصب لمذهب أو قبيلة أو طريقة، قال: "فليس كل من أخطأ يكون كافرًا ولا فاسقًا ولا عاصيًا، بل قد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، وقد قال تعالى في
_________
١ وهو حديث عمر بن الخطاب ﵁ الذي أخرجه مسلم (٨) وغيره.
٢ سورة البقرة ٢٨٦.
٣ أخرجه مسلم (١٢٦) من حديث عبد الله بن عباس ﵄. وكلام شيخ الإسلام السابق انظره في "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٥٥٠- ٥٠١) .
1 / 43