مثل هذا من الأرواح ما عدا روح الخاتم (1) فإنه لا يأتيه المادة إلا من الله لا من روح من الأرواح، بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح وإن كان لا يعقل ذلك من نفسه في زمان تركيب جسده العنصري . فهو من حيث حقيقته ورتبته عالم بذلك كله بعينه ، من حيث ما هو جاهل به من جهة تركيبه العنصري ا فهو العالم الجاهل ؛ فيقبل الاتصاف بالأضداد كما قبل الأصل. الاتصاف بذلك كالجليل والجميل(2) ، وكالظاهر والباطن والأول والآخر وهو عينه ليس (3) غير . فيعلم لا يعلم ، ويدري لا يدري ، ويشهد لا يشهد. وبهذا العلم سمي شيث لأن معناه هبة الله . فبيده مفتاح العطايا على اختلاف أصنافها ونسبها ، فإن الله وهبه لآدم أول ما وهبه : وما وهبه إلا منه لأن الولد سر أبيه . فمنه خرج وإليه عاد . فما أتاه غريب لمن عقل عن الله . وكل عطاء (15 -1) في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من الله شيء ، وما في أحد من سوى نفسه شيء وإن تنوعت عليه الصور . وما كل أحد يعرف هذا ، وأن الأمر على ذلك، إلا آحاد من أهل الله . فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالى. فأي صاحب كشف شاهد صورة تلقي إليه ما لم يكن عنده من المعارف وتمنحه(4) ما لم يكن قبل ذلك في يده فتلك الصورة عينه لا غيره . فمن شجرة نفسه جنى ثمرة علمه ، كالصورة الظاهرة منه في مقابلة الجسم الصقيل ليس غيره، إلا أن المحل أو الحضرة التي رأى فيها صورة نفسه تلقى إليه تنقلب (5) من وجه بحقيقة تلك الحضرة ، كما يظهر الكبير في المرآة الصغيرة صفيرا أو المستطيلة مستطيلا ، والمتحركة متحركا . وقد تعطيه
صفحة ٦٦