ليعلم المتجلى له أنه (1) ما رآه. وما ثم مثال أقرب ولا أشبه بالرؤية والتجلي من هذا . وأجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبدأ البتة (11 -ب) حتى إن بعض من أدرك مثل هذا في صور (2).
المرايا ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة . هذا أعظم ما قدر عليه من العلم ، والأمر كما قلناه وذهبنا إليه . وقد بينا هذا في الفتوحات المكية وإذا ذقت هذا ذقت الغاية التي ليس فوقها غاية في حق المخلوق. فلا تطمع ولا تتعب نفسك في أن ترقى في (3) أعلى من هذا الدرج (4) فما هو ثم أصلا ، وما بعده إلا العدم المحض. فهو مرآتك في رؤيتك نفسك ، وأنت مرآته في رؤيته(5) أسماءه وظهور أحكامها وليست سوى عينه . فاختلط الامر وانبهم : فمنا من جهل في علمه فقال : " والعجز عن درك الإدراك إدراك ، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول ، بل أعطاه العلم السكوت ، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالم بالله . وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من (12 -1) مشكاة الرسول الخاتم ، ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي (6) الخاتم ، حتى أن الرسل لا يرونه - متى رأوه - إلا من مشكاة خاتم الأولياء : فإن الرسالة والنبوة - أعني نبوة التشريع ورسالته - تنقطعان ، والولاية لا تنقطع أبدا. فالمرسلون ، من كونهم أولياء لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء ، فكيف من دونهم من الأولياء؟
وإن كان خاتم الأولياء تابعا في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع فذلك لا يقدح في مقامه ولا يناقض ما ذهبنا إليه ، فإنه من وجه يكون أنزل كما أنه من وجه يكون أعلى . وقد ظهر في ظاهر شرعنا ما يؤيد
صفحة ٦٢