ما لا يتناهى (1) وهو أعلى : فإنه يكون في علمه بنفسه بمنزلة علم الله به لأن الأخذ من معدن واحد إلا أنه من جهة العبد عناية من الله سبقت له هي من جملة أحوال عينه يعرفها صاحب هذا الكشف إذا(2) أطلعه الله على ذلك ، أي على أحوال عينه، فإنه ليس في وسع المخلوق(2) إذا أطلعه الله على أحوال عينه الثابتة التي تقع صورة الوجود عليها أن يطلع في هذه الحال على اطلاع الحق على هذه الأعيان الثابتة في حال عدمها لأنها نسب ذاتية لا صورة لها . فبهذا القدر نقول إن العناية الإلهية سبقت لهذا العبد بهذه(3) المساواة في إفادة العلم. ومن هنا(4) يقول الله تعالى : "حتى نعلم " وهي كلمة محققة المعنى ما هي كما يتوهمه (4 11-1) من ليس له هذا المشرب . وغاية المنزه أن يجعل (5) ذلك الحدوث في العلم للتعلق (6) ، وهو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقله في هذه المسألة ، لولا أنه أثبت العلم زائدأ على الذات فجعل التعلق له لا للذات . وبهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف والوجود.
ثم نرجع إلى الأعطيات فنقول: إن الأعطيات إما ذاتية أو أسمائية. فأماالمنح والهبات والعطايا الذاتية فلا تكون أبدا إلا (7) عن تجل إلهي . والتجلي من الذات لا يكون أبدا إلا بصورة استعداد المتجلى (8)له وغير ذلك لا يكون. فإذن المتجلى له ما رأى سوى صورته في مرآة الحق وما رأى الحق ولا يمكن أن يراه مع علمه أنه ما رأى صورته إلا فيه : كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك انك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها. فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي
صفحة ٦١