============================================================
عصر ابن معظى عاش ابن معطى حياته شطرين : شطرا فى المغرب، حيث ولد وتلقى معارفه الأولى ، وشطرا فى المشرق، حيث صنف ونظم ، ولقد كان من يمن طالع ابن معطى أنه عاش فى القطرين أزهى أيامهما : ففي المغرب أظل ابن معطى عصر الموحدين (1) ، هذا العصر الذى بذل رجاله جهودا جبارة فى سبيل اقرار الوحدة المغربية،والدفاع عن تراث الإسلام فى أسبانيا، فما كانت دعوة المهدى بن تومرت مؤسس هذه الدولة ، إلا دعوة توحيد وتجديد للهفاهيم الإسلامية التى تبعث روح القوة والعزم فى نفوس المسلمين ، فينهضون للعمل بجد لحماية بيضتهم وحفظ كيانهم المادى وللمعنوى .
وفى هذا العصر ازدهرت علوم العربية، من نحو ولغة وعروض، وبيان وتاريخ وسير. وفيما يتصل بالدراسات النحوية، شهد المغرب فى هذا العصر علماء أفذاذا ، خطوا به خطو ات واسعة نحو الكمال، يذكر منهم الجزولى، والسهيلى ، والشلؤبين، وابن معطى صاحبنا ، وابن خروف، وابن عصفور، وابن مضاء، وابن مالك، وغيرهم: وقد أدى هذا النشاط إلى وجود مدارس نحوية هنا وهناك، وتفردت بآراء خاصة فى بعض مسائل الإعراب وغيره، فهذه مدرسة فاس التى سيختلف أهلها مع تلسان فى مسألة صرف "أبى هريرة" وهذه مدرسة سبتة التى تخالف
الجهور فى ضم التكرة المقصودة إذا تونت اضطرارا ، وهذه مدرسة طنجة التى توجه أسئلة نحوية إلى مدرسة أشبيلية .
(1) كل المعلومات عن هذا العصر والحركة العلمية فيه استقيتها من كتاب " النبوغ المغربى" ص 126 وغيرها - للأستاذ عبد الله كنون :
صفحة ١٦