79 (0
لابن معطى زين الدين ، أبى الحسين يحيى بن عبد المعطى آلمغربى 228 -524 تحقيق ودراسة محمود جم اراطناى عيستى اليبا بواالحابتى وشركاه
صفحة ١
============================================================
118142 بنا الله الرا اليث هذاالكتاب رسالة نال بها المحقق درجة الماجستير فى علم النحو من كلية دارالعسلوم جامعة القاهرة - بتقدير "ممتاز". وقد نوقشت الرسالة صباح يوم الخيس 13 من ذى الحجة شهر الله الحرام عام 1392 - الموافق * من فبراير 1972.
وتقضل بإجازتها الأساتذة: عبد السلام محمد هارون - مشرفا الدكتور تمام حسان، والد كتور حسين نصار- عضوين
صفحة ٢
============================================================
كلة شكر إذا كان من سنة أصحاب الرسائل الجامعية أن يقد موا بين يدى رسائلهم شكرا لأساتذتهم ، فإن شكرى الشيخى الجليل الأستاذ عبد السلام محمد هارون فسح الله فى مد ته- يتعدى ظروف هذه الرسالة، فلقد تلمذت له داخل دار العلوم وخارج دار العلوم ، فيما أحيا من تراث وما نشر من نصوص: ولقد وجدت فيه الأستاذ البار العطوف الذى يغرى تلاميذه دائما بالرغبة فيه والحرص عليه والاستكثار منه .
ولم أكد أصارحه، حرسه الله، برغبتى فى دراسة ابن معطى، حتى شد من أزرى وبارك خطوى، ولم أزل على صلة به فى حله وترحاله حتى استوى بجتى على هذه الصورة. حفظه الله وأسعده وأسعد به، وجمع له الخير كله، وجزاه عما قدمه لى ولجيلى كله من توجيه ورعاية وإرشاد، وجعل كل ذلك فى موازينه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير تحضرا.
والشكر أصدق الشكر لأستاذى الجليل الدكتور تمام حسان ، المربى الذى علنا أن نقرأ الجديد من غير أن تجتوى القديم .
وقد تفضل الأستاذ الدكتور حسين نصار، بالمأثور من فضله وللمذكور من كرمه ، فقبل المشاركة فى مناقشة هذه الرسالة ، فله أصفى الشكر وأجزله .
ودعاء بالمغفرة والرضوان لعالم المخطوطات أخى المرحوم الأستاذ محمد رشاد عبد المطلب، فهو الذى دلنى على كتاب الفصول، ورغبنى فى درسه، وحثنى على تحقيقه.
صفحة ٣
============================================================
صفحة ٤
============================================================
بيشم قلاورالويم والحمد لله فاتحة كل خير وتمام كل نعمة. أحمده سبحانه وتعالى حمدا كثيرا طاهرا طيبا مباركا فيه ، وأصلى وأسلم على سيدنا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم أما بعد . . فهذه دراسة عن ابن معطى ، أول من صنع ألفية فى النحو العربى، عرفه الناس من قول ابن مالك عن ألفيته : فائقة ألفية ابن معط ثما شغلوا عنه وعن ألفيته بابن مالك وألفيته . وحظوظ الكتب كعظوظ الناس؛ يصيبها ما يصيبهم من ذيوع أو تخمول. وقد أخملت ألفية ابن مالك ألفية ابن معطى، حتى ليجمل بعفهم شرحا لألفية ابن معطى شرحا لألفية ابن مالك(1).
ومع التسليم كل التسليم بإمامة ابن مالك وعبقريته النحوية أقول : ترى ماذا كان أمز ابن معطى لو أتيح له شارح نا به مثل أبى حيان، فقد قال الصلاح الصفدى فى ترجمته (2) : "هو الذى جسر الناس على مصنفات الشيخ جمال الدين بن مالك رحمه الله ، ورغبهم فى قراءتهام وشرح لهم غامضها، وخاض بهم لججها، وفتح لهم مقفلها) .
حقا إن ابن معطى قد شرحه أثمة معروفون : كابن الخباز وابن إياز ، وامتلأت موسوعات النحو الكبرى، كالهمم ، والأشباء والنظائر، والتصريح على التوضيح، بالنقل عنهم ، لكن لم يتح لاى من هذه الشروح من الذيوع والانتشار ما أتيح لشروح ابن مالك :
(1) ينظر ما كتبته عن شروح ألفية ابن معطى . (2) نكت الهحميان، صء 128
صفحة ٥
============================================================
ومهما يكن من أمر فقد حاولت هذه الدراسة أن تكشف عن نحو ابن معطى، وعن طرائقه فى التأليف .
ولقد اختلفت مصنفات النحويين قبل ابن معطى شرعة ومنهاجا: فجاء امامها "الكتاب" على أبواب، وعالج بعضها مسائل بعينها، يدعو إليها الاستطرادويحكمها التداعى، وخلص بعضها الآخر للعلل والأصول، ثم شغل الناس رمن قبل ومن بعد بالخلاف بين البصريين والكوفيين، وظلت مسائل النعو مبعثرة بعيدة الجنى عسيرة المتناول .
وحين أظل القرن السادس- الذى عاش فيه ابن معطى - كانت مسائل النحو
قد أشبعت درسا وتمئلا وتعليلا ، ولم يبق إلا المصنف البارع الذى يجيد صياغة هذا الموروث الضخم ليفيد منه المبتدى * والمنتهى على السواء.
ولقد شهدت نهاية القرن السادس وأوائل القرن السابع ظهور ثلاثة من الرجال، حملوا هذه الأمانة وقاموا بهذا الواجب، حيث بسطوا قواعد النعو و بؤبوا مسائله وفصلوا فروعه: ابن معط، وابن الحاجب ؛ وابن مالك، وعلى شروح هؤلاء الرجال استوى النحو العربئ على سوقه .
وقد كان لصاحبنا ابن معط فضل الرآيادة فى هذا اللون الميسر المنظم من التأليف، حين صنع كتابيه : "الألفية والفصول" ، وعلى وقع خطواته سار ابن الحاجب، واين مالك ، لكن هذين أخملا ذكر الرجل، كما أخمل - من قبل - أبو على الفارسى وتلهيذه ابن جنى ذكر أبى القاسم الزجاجى(1) .
1) وقد اخترت مع دراسة ابن سطى تحقيق كتابه : "الفصول الخسين) .
(1) ينظر مقدمة تحقيق مجالس اللحاء (د) والايضاح فى علل النخو ص وكلاهما ازجاچى:
صفحة ٦
============================================================
و دراستى هذه تنقسم إلى ثلاثة أبواب : تحدثت فى الباب الأول عن حياة ابن معطى فى المغرب والمشرق، وعن شيوخه وتلاميذه ، وفى حدينى عن آثاره ومصنفاته خلصت إلى الكلام عن نشأة النظم فى النحو ، محاولا أن أحدد بدايته ، وقد اجتهدت فى أن نظم النحو بدأ فى القرن الرابع المجرى ، على يد أحمد بن منصور اليشكرى المتوفى
سنة 370، ثم دفعت ماقيل من أن الخليل بن أحمد قد نظم فى النحو، وتتبعت بعد ذلك النظوم النحوية ، وانتهيت إلى أن أشهر نقلم قبل ابن معطى هونظم الحريرى صاحب "المقامات * وهو المعروف بملحة الإعراب.
وقد تساءلت عن سر تسمية ابن معظى لنظمه : "الألفية" وقد مت للاجابة على هذا التساؤل مجرد احتمالات واجتهادات لم أقطع فيها برأى، وذكرت بعد ذلك أن هذه التسمية شاعت بعد ابن معطى، فى كثير من الفنون، فرآينا ألفيات كثيرة فى الألغاز وعلوم الحديث والفرائض والتعبير والمعانى والبيان ثم آلقيت نظرة عامة على آلفية ابن معطى، حاولت فيها آن آعرف طرائقه فى صياغة القواعد وسرد المسائل ،وقد دلفت من هذا إلى مقارنة سريعة كاشفة بين ألفية ابن معطى وألفية ابن مالك، انتهيت منها إلى أن ابن مالك قد تأثر ابن معطى وآفاد منه فى المنهج العام ، من حيث سرد القواعد، واستخدام المناسية والاستطراد ، وارتباط اللاحق بالسابق ، لكنى أثبت أن ابن مالك لإمامته وطول اشتغاله بالنحو، يمتاز بتشقيق المسائل وفصلها فى آبواب، على حين ترى ابن معطى يدمج المسائل الكثيرة تحت الباب الواحد: ن وقد آثبت آن تاثر ابن مالك ابن مفطى تعدى المنهج العام إلى استخدام .
قافية أو ألفاظ بعينها ، وضربت لذلك أمثلة من الألفيتين .
صفحة ٧
============================================================
والباب الثانى : جعلته لدراسة آراء ابن فطى النحوية، وقسمت هذه الآراء إلى قسمين : القسم الأول : ما انفرد به ابن معطى، وقد سلكت سبيلين فى جمع هذه الآراء : استقراء كتب النحو المطولة، ثم ما وقع لي من شروح ابن معطى ، وبخاصة شرح الفصول الخمسين لا بن إياز ،والخوي . وشرح الألفية
لابن، الخباز وابن جمعة .
وقد جمعت لابن معطى سبعة عشر رأيا، كان له فيها مذهب خاصة، عرضتها وذكرت تختلف الآراء حولها : وفى ختام عرض هذه الآراء تساءلت : أين يقف ابن معطى من المدارس النحوية : بصرية وكوفية وبغدادية، وقد انهيت إلى أن ابن معطى يغلب عليه الطابع،البصرى.
والقسم الثانى : آراؤه التى تابع فيها غيره من أئمة النحاة، وهو ما سميته بالمتابعات، وقد تحدثت عنها فى أتناء درس " الفصول الخحسين" لأن هذه المتابعات إنما ظهرت لى من خلال شروح " الفصول" :
والباب الثالث، وهو الأخير وقفته على درس "الفصول الخمسين" . تحدثت فيه عن منهج ابن معطى ، ورأيت أن "الفصول" كتاب تعليمى ، سلك فيه ابن معطى مسلكا، لعله أول من استحدثه: إذ قسم رعوس المسائل إلى أبواب، وتحت كل باب عدة فصول، وأثبت من خلال تحليلي للفصول آن اشتغال ابن معطى بالأدب؛ درسا وتصنيفا، كان له أثر فى سهولة عباراته وصحة تقسيماته، ثم ظهرت ثقافته اللفوية بينة جلية فى صياغة قواعد النحو، ودللت على ذلك بقوله عن الأسماء الستة : "أخوك وأبوه وجموها * ولم يقل: "حموهه
صفحة ٨
============================================================
كما يقول غيره من النحاة * وذلك لأن الأحماء من قبل للزوج ، والأختان من قبل المرأة ، كما يرى الأصتعى: وأتبت أيضا أن عناية ابن معطى بنظم العلوم كانت سبيلا إلى التركيز وخلو تعريفاته من الحشو والإطالة .
ثم حاولت التهدى إلى المنبج العام الذى حكم ابن معطى فى معالجته لمسائل النحو، ورجمته إلى " العامل" وانتهيت إلى أن ابن معطى آدار عليه خجمهور مسائل النحو التى عالجها فى كتابه "الفصول الخسين" .
وحين فرغت من درس "الفصول" شرعت فى تحقيقها، وفق مناهج التوثيق والتحقيق، وقد أفدت كثيرا من شرحى ابن إياز والخويي، ونقلت عنهما في حواشى التحقيق، ليستبين سبيل ابن معطى، ثم حاولت في بعض الأحيان أن أربط بين الفصول والألفية: ولم أرجع إلى كتب النحو إلا بالقدر الذى يجلى غامضا، أو يرفع احتمالا ويزيل شبهة ، وآثرت كثيرا الإحالة على الكتاب دون النقل منه ، وحين فرغت من تحقيق النص فهرست للأ بواب والفصول فهرسة تقصيلية ، ليظهر الفرق بين طريقة ابن معطى فى ترتيب مسائل النحو وبين الطريقة التى ابتدعها ابن مالك فى "ألفيته" والتى شاعت فى كتب النحو إلى يوم الناس هذا، ثم تبع ذلك سائر الفهارس المتعارف عليها.
وبعد : فهذه أول دراسة عربية كاملة لابن معطى. ولامر ما ظل ابن معطى بعيدا عن ميدان الدراسات النحوية ، ولقد كان من أعجب العجب أن يفطن له المستشرقون قبلنا ، فينشر له المستشرق السويدى زتسترين "ألفيته" عام (1900) بمدينة ليبزج بألمانيا ، ونظل نحن فى شغل عنه وعن ألفيته بابن مالك وألفيته .
صفحة ٩
============================================================
ولقد أفادتنا صحبة ابن معطى فى التعراف على أعلام مغمورين، كا بن إياز والخويى، وابن الخباز وابن نجمعة ، وغيرهم من شراح الفصول والألفية، من علماء القرنين السابع والثامن الهجريين . ومن العجيب أن لهؤلاء العلماء نحوا كثيرا ، وفى مصتفاتهم فوائد جليلة " لكن لم يتحخ لآرائهم أن تذيع، ولم يهيأ لمصنفاتهم أن كنتشر ، وما كان ينبغى للدراسات النحوية أن تقصر، على الأئمة المشهورين، وتزوى عمن سواهم.
وإذا كان لصاحب هذه الدراسة من اقتراح، فهو أن تنشر شروح الفصول والألفية ، ثم تدرس آراه رجال القرنين السابع والثامن، وبمثل هذه الدراسة تتصل الخلقات ويتكامل البناء، ويستوى النحوء العربئ على سوقه.
والله من وراء القصد وهو ولئ التوفيق : محمود محمد الطناحى معهد المخطوطات - المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم جامعة الدول العربية القاهرة فى يوم الجمعة :بع العدة 12 29 من اكتوبر 1976
صفحة ١٠
============================================================
1 بشا اللله لم الحة ا6ا1و الباباون ان معطى ياته وعضره (1) هو يحيى (1) بن عبد المعطى بن عبد النور الزواوئ المغربئ الحنفي . يلقب: (1) ترجمته فى : إنباه الرواة4 /38" البداية والنهاية 129/13، 134، بفية الوعاة 344/2 ، تاج للتراجم ص 83، تاريخ أبى الفدا * / 151، تاريخ ابن الوردى 15712 ، التكلة لوفيات النقلة ه/439، وبحواشيها مراجع أخرى مخطوطة، أوردها صديقى العالم البغدادى بشار عواد معروف ، الجواهر الضية فى طبقات الحنفية 214/2، حسن المحاضرة 33/1ه ، دول الإسلام 2 / 134، الذيل على الروضتين ص160، شذرات الذهب ه/129، العبر فى خبر من غبر /112، الفلا كة والفلو كين 93، مرآة الجنان 3/4، ممجم الأدباء 35/40، 36، مفتاح السعادة 196/1، النجوم الزاهرة/278، وفيات الأعيان / 243، دائرة المعارف الإسلامية .391 ومن كتب المعاصربن : الحركة القكرية فى مصر فى العصرين الأيوبى والمماوكى الأول، للدكتور عبد اللطيف حمزة ص 219، 220، الحياة العقلية فى عصر الحروب الصليبية بمصر والشام، للدكتور أحمد أحمد بدوى ص 204، القواعد النحوية للأستاذ عباس حسن ص 119، 120، المدارس النحوية للذكتور شوقى ضيف ص 34، نشاة النحو وتاريخ أشهر النحاة للشيخ حد طنطاوى ص 168 . وينظر أيضا : الأعلام للأستاذ الزركلى 9 /192 ، تاريخ الأدب العربى للمستشرق الألمانى كارل بروكلمان /05-3 (الترجمة العربية) ولللحق 1/ 0ه، والنبوغ للغربى للأستاذ عبد الله كنون 153/1.
صفحة ١١
============================================================
زين الدين، ويكنى: أبا الحسين مويعرف باين معط، وتكتب : "ابن معطى".
باثبات الياء، وهو جائز، فقد ورد إثبات الياء فى المنقوص المرفوع والمجرور كثيرا فى آسلوب الإمام الشافى*(1) رضى الله عنة ، ولفته حجة . على أن صاحب الترجمة نفسه كان يكتبها "ابن معط" بحسذف الياء، ثم صار بعد ذلك لأمر ما يكتب : "يحيى بن عبد المعطى" . رأيت ذلك بخطه هو على صفحة قسم مخطوط من كتاب "الفصل" للزيخشرى . قال بعذ أن كتب صورة الإجازة: "وكتب يحيى بن عبد للعطى النحوى الحنفى بالقاهرة" ، ثم قال عقب ذلك : " كنت آ كتب قديما يحيى بن معط ، فاتفق أن كتب كاتب فى بعض كتب تقع الشهادة فيه : يحيى بن عبد المعطى، فالتزمت ذلك .. لئلا يصير المشهود يه ه خلفا، فهذا عذرى إليك على ذلك . وكتب يحيى" : ونسخة "المفصل" المشار إليها محفوظة بمكتبة إسماعيل صائب الكائنة بجامعة أنقرة عاصمة تركيا برقم (2218)، وقد رأيتها أثناء زيارتى لتركيا فى شهر ذيسبر من عام 1970: والزواوى - فى نسب ابن معط - بفتح الزاى وبين الواوين ألف : نسبة الى زواوة : وهى قبيلة كبيرة بظاهر بحاية ، من أعمال أفريقية ذات بطون وأنفاذ، كما قال ابن خلكان: ولد ابن معطى بالمغرب سنة أربع وشتين وخمسمائة للهجرة (564) ولم يعين المترجون له ، البسلدة التى ولد بها، ولئن صح آنه ولد حيث توجد قبيلته ، فيكون ولد بظاهر بجاية- ويجايةا، بالكسر وتخفيف الجيم وألف وياء وهاء :
1) الرسالة صفحات 26، 615، 417 83432 453 62ه
صفحة ١٢
============================================================
مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب (1) وقد يقوى ذلك أن ألجز ولى وهو أ كبر شيخ لابن معطى - أقام مدة بمدينة بجاية والناس يشتغلون 4 عليه .
كذلك لم يذكر المترجمون شيئا عن صبا ابن معطى وخطاه فى آول عمره، ولكن لاشك أنه أقبل منذ عقل على صنوف العلم والمعرفة هودأب على التحصيل والدرس حتى استوى ، وظهر أثر ذلك كله فى تلك المكتبة القيمة التى تركها بده رحلته:
يبدو آن إقامة ابن معطى بالمغرب لم تطل، وآنه وجه ركابه إلى دمشق مبكرا، وأقام بها زمانا طويلا ، فقد ذكروا أنه نظم "ألفيته" فى دمشق .
ولما كان قد فرغ من تأليفها وهو فى الحادية والثلاثين من عمره - كما سيأتى فى الكلام عن الألقية - فيكون قد استقر بدمشق وهو فى سن الطراءة والصبا، لا محالة . ومهما يكن من أمر فقد كانت دمشق أول بلد حط فيها الرجل ركابه، وإنه أقام بها زمانا طويلا، يقرىء الناس النحو والأدب ، وكان بدمشق أحد الشهود ، ولم يكن له من طرق الكسب ما يقوم بكفايته ، كما قال الحافظ الذهبئ ، ويظهر أن ابن معطى كان رقيق الحال قليل المورد ، وقد ظهر شيء من فاقته وعدمه فى هذين البيتين : (1) معجم البلدان لياقوت 495/1، وهى الآن ميناء بالجزائر، على شاطيء البحر المتوسط (2) وفيات الأعبان 157/3 :
صفحة ١٣
============================================================
قالوا تلقب زين الدين فهوله نعت جميل به أضحى اسمه حسنا فقلت لا تغبطوه إن ذا لقب وقف على كل نحس والدليل أنا وفى دمشق اتصل ابن معط بالملك المعظم عيسى بن محمد الأيوبى سلطان الشام ، وكان من علماء(1) الملوك، محبا للعلم مكرما للعلماء ، عالما بفقه الحنفية والعربية . قيل : إنه جعل لكل من يحفظ "المفصل" للزمخشرى مائة دينار وخلمة، فحفظه لذلك السبب جماعة، وقد كرم هذا السلطان العالم ابن معط، وولاء النظر فى مصالح امساجد، ولما توفى الملك المعظم سنة (624) اتصل ابن معط بالملك الكامل سلطان الدولة الأيوبية بمصر ، وكان عارفا بالأدب وله شعر ودراية بالحديث، سماعا ورواية. قال عنه ابن خلكان : 0 كان محبا للعلماء متمسكا بالسنة النبوية ،حسن الاعتقاد ، معاشرا لأرباب الفضائل..
وكان يبيت عنده كل ليلة جمعة جماعة من الفضلاء ويشار كهم فى مباحثاتهم ، (2 ويسألهم عن المواضع المشكلة من كل فن "(2) .
وقد حضر ابن معطى مرة مجلس اللك الكامل مع جماعة من العلماء، فسألهم الملك الكامل، قال : " زيد ذهب به "هل يجوز فى "زيد" النصب؟
فقالوا : لا ، فقال ابن معطى : يجوز النصب، على أن يكون المرتفع بذهب المصدر الذى دل عليه "ذهب" وهو الذهاب، وعلى هذا فوضع الجار والمجرور الذى هو " به * النصب، فيجىء من باب : زيد مررت به، إذ يجوز فى "زيد" النصب، فكذلك ها هنا . فاستحسن الملك الكامل جوابه، وأمره بالسفر معه إلى مصر، فسافر، وقرر له معلوما على أن يقرىء الناس (1) البداية والنهاية 13/ 121، ونشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة ص 166 .
(4) وفيات الأعيان، /172
صفحة ١٤
============================================================
الأدب والنحو بالجامع المتيق بمصر . ولم تطل مدة حياة ابن معطى بمصر، فتوفى بها فى سلخ ذى القعدة سنة (628)، وتكون مدة إقامة ابن معطى بمصر لم تزد على أربع سنوات ، إذا صح أنه غادر دمشق سنة وفاة الملك المعظم، وكانت سنة (924) كما أسلفت .
هذا وقد ذكر ابن الساعى أن ابن معطى توفى سنة (229)(1) . وليس بشىء ، فقد أجمع المترجمون على أنه توفى سنة (628) ومنهم المؤرخ أبوشامة، وهو أضبط، لأنه شهد جنازته بمصر. قال فى كتابه ذيل الروضتين (2) : "وفيها (4 (سنة 228) فى مستهل ذى الحجة توفى الزين النحوى يحيى بن معطى الزواوى رحمه الله بالقاهرة ، وأنا بها ، وصلى عليه بجنب القلعة عند سوق الدواب، وحضر الصلاة عليه السلطان الكامل بن العادل ، ودفن بالقرافة فى طريق قبة الشافعى ، رحمه الله ، على يسار المار إليها ، على حافة الطريق محاذيا لقبر أبى إبراهيم المزنى، رحمه الله ، حضرت دفنه والصلاة عليه ، وكان آية فى حفظ كلام التحويين" : (1) نقل ذلك ابن كثير فى البداية والنهاية 13 /134 .
(2) الكان المشار إليه فى صدر الترجمة.
صفحة ١٥
============================================================
عصر ابن معظى عاش ابن معطى حياته شطرين : شطرا فى المغرب، حيث ولد وتلقى معارفه الأولى ، وشطرا فى المشرق، حيث صنف ونظم ، ولقد كان من يمن طالع ابن معطى أنه عاش فى القطرين أزهى أيامهما : ففي المغرب أظل ابن معطى عصر الموحدين (1) ، هذا العصر الذى بذل رجاله جهودا جبارة فى سبيل اقرار الوحدة المغربية،والدفاع عن تراث الإسلام فى أسبانيا، فما كانت دعوة المهدى بن تومرت مؤسس هذه الدولة ، إلا دعوة توحيد وتجديد للهفاهيم الإسلامية التى تبعث روح القوة والعزم فى نفوس المسلمين ، فينهضون للعمل بجد لحماية بيضتهم وحفظ كيانهم المادى وللمعنوى .
وفى هذا العصر ازدهرت علوم العربية، من نحو ولغة وعروض، وبيان وتاريخ وسير. وفيما يتصل بالدراسات النحوية، شهد المغرب فى هذا العصر علماء أفذاذا ، خطوا به خطو ات واسعة نحو الكمال، يذكر منهم الجزولى، والسهيلى ، والشلؤبين، وابن معطى صاحبنا ، وابن خروف، وابن عصفور، وابن مضاء، وابن مالك، وغيرهم: وقد أدى هذا النشاط إلى وجود مدارس نحوية هنا وهناك، وتفردت بآراء خاصة فى بعض مسائل الإعراب وغيره، فهذه مدرسة فاس التى سيختلف أهلها مع تلسان فى مسألة صرف "أبى هريرة" وهذه مدرسة سبتة التى تخالف
الجهور فى ضم التكرة المقصودة إذا تونت اضطرارا ، وهذه مدرسة طنجة التى توجه أسئلة نحوية إلى مدرسة أشبيلية .
(1) كل المعلومات عن هذا العصر والحركة العلمية فيه استقيتها من كتاب " النبوغ المغربى" ص 126 وغيرها - للأستاذ عبد الله كنون :
صفحة ١٦
============================================================
وقد نشأت فى هذا العصر فكرة نظمم المسائل اللغوية والتحوية، ومن ذلك أرجوزة العلامة ابن المناصف، للمسماة بالتذهبية، فى الحلى والشيات. وقد نظمها بمرا كش فى جمادى الأولى سنة (620) . ثم نظوم صا حبنا ابن معطى فى اللغة والنحو والعروض والقراءات.
وفى المشرق قبيل أن يرحل إليه ابن معطى ، توالت على الأمة الإسلامية أحداث وأحداث، وعاشت الأمة الإسلامية أعظم الانتصارات مع صلاح الدين الأيوبى بأمجاده وبطولاته ، وسحقه للصليبيين الغزاة . وقد عاش ابن مععطى العصر الأيوبى الذى غير وجه الحياة فى العالم الإسلامى، حين قضى على الدولة الفاطمية ، وسحق الصليبيين المتجبرين، ومكن لنشاط فكرى ظهرت آثاره الطيبة فى هذه المكتبة القيمة التى تركها هذا التفر الكريم، ( من علماء ذلك العصر فى كل فن(9) .
وفى هذه الحقبة من الزمان كانت مصر والشام مثابة للعلماء وأمنا متهوى إليهما الأفئدة من كل رجا وناحية ، حيث سلاطين بنى أيوب يكرمون العلم والعلماء، فلا عجب أن يرحل كثير من علماء المغرب إلى دمشق ومصر، وكان ابن معطى واحدا من هؤلاء العلماء الذين وفدوا على دمشق ثم استقروا بمصر.
وقد بهر الملك الكامل بعلمه وحفظه ، فسكان له فى ذراه أكرم منزل وأرحب دار. والملك الكامل من أكثر سلاطين الأ يوبيين حبا فى العلم وتكريما للعلماء، وقد ذكر المؤرخون له أشياء كثيرة من هذا وذاك(2) .
(1) تفصيل ذلك كله فى كتاب الحركة الفكرية فى مصر فى العصرين الأيوبى والماوكى الأول - للدكتور عبد اللطيف حمزة . وكتاب الحياة العقلية فى عصر الحروب الصليبية بمصر والشام - للدكتور أحمد أحمد بدوى: (2) بالإضافة إلى ماسبق ينظر كتاب الحركة الفكرية ص 151، 152.
(2 - الفصول الخمون)
صفحة ١٧
============================================================
وفي هذا العصر الذى عاشه ابن معطى ازدهرت الدراسات النحوية فى مصر والشام، على يد جلة من العلماء الأفذاذ، الذين وجدوا فى ظلال الدولة الأيوبية كل تكريم وتقدير.
وقد ذكر المؤرخون آن الملك عيسى الآيوبى صاحب دمشق سمع من التاج (1) الكندى كتاب سيبويه ، وشرحه لابن درستويه ، وإيضاح الفارسى(1) .
وشرط لكل من يحفظ " المفصل" للز مخشرى مائة دينار وخلعة ، فحفظه لهذا السبب جماعة، وقد آشرت إلى هذا من قبل: وقد شهد القطران من أعلام النحولم فى هذا العصر : ابن برى المصرى المتوفى سنة 82ه ، وعمان بن عيسى البكيطي المتوفى سنة 55(2) ، وآبا اليمن بالكندى المتوفى سنة 613 ، وسليمان بن بنين الدقيقي المتوفى سنة 214(2) ، وابن الرماح على بن عبد الصمد، المتوفى سنة 33 (4)، وابن يعيش المتوفى سنة 643، وعلم الدين الستخاوى، المتوفى سنة 643 أيضا، وابن الحاجب، المتوفى سنة 649 . وهؤلاء أبرز تحاة القطرين فى عصر ابن معطى.
(1) بغية الوعاة 571/1 (2) نفس المرجع 135/2 (3) نفس المرجع 597/1 (4) نفس المرجع 2 /175
صفحة ١٨
============================================================
شيوخ ابن معطى تلمذ ابن معطى لطائفة جليلة من علماء عصره ، وكان أول أستاذ أفاد منه وانتفع به أبو موسى الجزولي المغربى ، عيسى بن عبد العزيز، صاحب القدمة المشهورة، توفى سنة 607 . وكان ابن معطى من أجل تلامذة الجزولئ ، كما يقول الذهبي .
ولا شك أن ابن معطى تلقى عن الجزولى بالمغرب قبل رحلته إلى دمشق؛ (1) فإن الجرولى لم يبرح المغرب إلا لفترة وجيزة ، زار فيها مصر وحج(( .
وممن أخذ عنهم ابن معطى : التاج الكندى، وهو أبو اليمن زيد
ابن الحسن المتوفى بدمشق سنة 613 ، وكان رحل إليها وفيها طاب له المقام فدرس وأفاد، وازدجم الطلاب على حلقته للافادة منه والآخذ عنه، وممن سمع منه الملك المعظم عيسى الأيوبي، كما اسلفت :.
و قد سمع ابن معطى الحديث ورواه عن القاسم بن على بن الحسن بن عساكر
المتوفى سنة 600، وكان من آهل دمشق:
(1) انظر ترجمته في وفيات الأعيان */ 157 .
صفحة ١٩
============================================================
تلامينذه كأن ابن معطى قد جلس لتلاميذه جلوسا عاما ، حين أقرأ الناس الأدب والنحو بدمشق، والجامع العتيق بمصر، فلم يؤثر واحدا منهم بدرس أوإملاء ولذلك لم يذكر المترجمون له تلاميذ بعينهم ، واكتفوا بقولهم : "اشتغل عليه خلق كثير وانتفعوا" ، أو : " حمل الناس عنه" . على أتى أثناء تفتيشى فى بفية الوعاة، وجدت تلميذا بعينه لابن معطى ، هو : أبو بكر بن عمر بن على ابن سالم ، رضئ الدين القسنطيي النحوى الشافمى ، الميوفى بالقاهرةسنة 195، .(94 14 ذكر الشيوطئ(1) آنه أخذ العربية عن ابن معط، وتزوج ابنته ، ثم رأيت تلميذا آخر هو: السويدى الحكيم الملامة شيخ الأطباء، عز الدين أبو إسحاق ايراهيم بن محمد بن طرخان الانصارى الدمشقي، المتوفى سنة 990، فقد ذكر .226 الذهبي3(41 آنه تأدب على ابن معطى وثالثا هو: إبراهيم بن آبى عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن يوسف، أبو إسحاق الأنصارى الإسكندرى الكاتب، المعروف بابن العطار، توفى .1(4) سنة 649 ، ذكر التقئ التميمى:(3) أنه تأدب على ابن معطى .
(1) بغية الوعاة 1/ 470، وأيضا شذرات الذهب لابن العماد الحنيلى ه/434 (2) المبر فى خبر من عبره / 366، والشذرات * / 411 (3) الطبقات السنية في تراجم الحنفية 1/ 216 .
صفحة ٢٠