الكتاب تاما كافيا ولا يكون أبتر منقوصا ليس له أول يدل على ما بعده ولا اخر يشهد بالصحة لما قبله ولان من عرف شيئا بكليته سهل عليه معرفة جزء من اجزائه ومن لم يعرف منه الا جزأ واحدا جهل أكثره وانما الانسان جزء من اجزاء العالم فمن اقتصر على معرفة علته و (أمراضه) (1) وعلاجه فقط لم يكن في العلم بذلك كمن عرف كيفية العالم كله لان معرفة قوى الطبائع الكبرى و الدلائل على آثارها أشهر وأبين من آثار مزاجات " الأبدان " (2) فان أبدان الناس جزويات في العالم والطبائع كليات وقد قالت الفلاسفة ان الاستدلال بجزء واحد من ا جزاء الشئ على كله ربما كذب " وأخطأ " وذلك مثل قولك ان كان زيد ضحاكا ومتكلما فكل انسان متكلم ضحاك وهذا حق وصدق وان قلت إن كان جالينوس طبيبا فكل انسان طبيب كان ذلك كذبا وكل ما صدق مرة وكذب أخرى فلا دلالة فيه فالحق " في " ان يستدل بكليات الأشياء على جزوياتها كقولك ان كان كل انسان متكلما ضحاكا فزيد أيضا متكلم ضحاك فهذا هو الحق وهي القضية التي لا تكذب ابدا كقولك ان كان كل عسل حلوا فكل حلو عسل ولذلك بدأت بالقول في الكليات ثم في الجزويات فمن فهم ما في أول كتابي هذا انتهى إلى باب العلل والاعراض وقد انكشف له الامر ووضح " له " الطريق فالكتاب كله على سبعة أنواع من العلم ولهذه الأنواع ثلاثون مقالة، ولمقالاتها كلها ثلث مائة وستون بابا " على ما فسرنا وأوضحنا، ابتدأ وبالله التوفيق "
صفحة ٧