حسيبا في " نفسه " (1) تاما في خلقته جميلا في صورته نظيف البدن طيب الريح رحيما وقورا متصرفا في فنون الآداب وقال أرسطوطيلس ان من طلب علم شئ من الأشياء لم يستغن عن معرفة أربعة أشياء أولها أموجود ذلك الشئ الذي يطلبه أو غير موجود فإن كان موجودا ما هو وكيف هو ثم لم هو فالطب شئ موجود لا يجحده الا معاند أو " معتوه " فاما ما هو فإنه حفظ الصحة ونفي العلة " وتمامه بأمرين " (2) هما العلم والعمل يعني العلم بالكتب والتدرب في العلاجات، فاما كيف هو ولم هو فان من عرفها عرف شيئا كبيرا شريفا وعاين فعل الطبيعة وحركتها، وقد ذكرت " من ذلك " في صدر كتابي هذا وفي آخره ما فيه المخرج و البيان وقد قال الفيلسوف أيضا ان أول الفكرة اخر العمل واخر العمل أول الفكرة " وذلك " كمن أراد أن يبني بيتا فيتفكر أولا في الحائط والسطح ثم في الاجر والجص والأساس فإذا ابتدأ في العمل كان أول عمله الأساس وآخره الحيطان والسطح وان أول فكرة المتفكر في الطب انما هو حفظ الصحة غير أن الصحة لما كانت للأبدان والأبدان مركبة من المزاجات الأربع وهذه المزاجات تتولد من الطبايع المركبة والمركبة تكون من المفرودة وتكون جميع ذلك فيما قالوا من الهيولى والصورة رأيت لذلك ان ابدأ بالشئ الذي اليه ينتهي آخر فكرة " المفكر " (3) في الطب وان اقدم القول في أصول الأشياء ثم في فروعها وان اذكر الكون والصحة قبل الفساد و " المرض " (4) وذلك لأني رأيت كون الجنين قبل فساده وصحته قبل مرضه فمن أنكر ذلك فقد آسي لأني قد رجعت إلى الأصول التي منها استخرج العلماء علم الطب وعليها " قاسوا " (5) ليكون
صفحة ٦