قدر ان يدفعه بالأغذية والحمية لم يحاول دفعه بالأدوية لقول الحكيم أبقراط الدواء من فوق ومن أسفل والدواء لا من فوق ولا من أسفل، فاما من فوق فإذا كان الفساد في المعدة وما والاها عولج بسقي الأدوية وإذا كان الفساد في الشق الأسفل من البدن عولج بالحقن لأنها أسرع وصولا اليه مما يشرب، وإذا لم يجد في البدن داء لم يقدم على سقي الدواء ولا على الحقنة لان الدواء إذا لم يجد في البدن داء يحلله ويحدره تحامل الدواء على الكيموسات الطبيعية " فأفزعها " (1) ولذلك قالوا لا ينبغي للطبيب ان يولع بسقي الأدوية ولا يعجل بالقضايا الا بعد التثبيت والروية ولا يغتر بالتجربة لقول الحكيم أبقراط ان العمر قصير والصناعة طويلة والزمان مسرع عجول والتجربة " خطر " (2) والقضاء عسر، ولانا ربما رأينا دواء واحدا قد نفع قوما وأضر بآخرين والعلة في ذلك اختلاف " مزاج " العلل أو " عفونة " (3) الدواء وفساده أو لأنه من البلد الذي لا يجود فيه مثله مثل الهليلج الذي لا يجود الا ما كان من الكابل، والكمون من كرمان والافتيمون من " افريطيا " (4) والصبر من الاسقوطري والصعتر من فارس والأفاوية من الهند وما أشبه ذلك أو أن يخطئ الطبيب في اجزائه وأوزانه وأخلاطه أو في معرفة مقاومة العلل التي يستقيم ذلك الدواء لها و " أوقات العلل " وحالات الأسنان " والفصول " وليحذر الطبيب استعمال الأشياء الضارة والقاتلة فإنها ضد هذه الصناعة ومن لزم صناعة " من الصناعات " ثم استعمل ضدها لم يبارك له فيها ومن امتثل ما كتبت بورك له في عمله وأجرى الله الشفاء على يده وفاز بدنياه وآخرته وقد قال أبقراط انه ينبغي لمن طلب هذا العلم ان يكون أيضا
صفحة ٥