وقد قال أرسطوطيلس ان العلم من الأشياء الحسنة الشريفة وان بعض العلم أشرف من بعض كالعلم بالطب " لان موضوع الطب " أكرم الموضوعات يعني بموضوعه أجسام الناس فاما موضوع الصائغ فالذهب وموضوع النجار الخشب، وقد صدق الفيلسوف وأصاب فما يدرك شئ من امر الدنيا والآخرة الا بالقوة ولا قوة الا بالصحة ولا صحة الا باعتدال المزاجات الأربع ولا معدل لها بإذن الله الا اهل هذه الصناعة الذين تجردوا بسياسة أنفس الناس وأبدانهم " و صاروا مفزعهم حين لا مال ولا عشيرة تنفعهم "، و " قد " اجتمعت لهم خمس خصال لم يجتمعن لغيرهم، أولها الاهتمام الدائم بما يرجون به ادخال الراحة على الناس كلهم والثانية " مجاهدتهم " (1) أمراضا وأسقاما غائبة من ابصارهم والثالثة اقرار الملوك والسوقة بشدة الحاجة إليهم والرابعة اتفاق الأمم كلها على تفضيل صناعتهم والخامسة الاسم المشتق من اسم الله لهم فعلى قدر الصناعة ورفع مرتبتها وعام منفعتها ينبغي ان تكون همم أهلها فإنه لن يستحق أحد اسم الكمال فيها الا بأربع خصال هن الرفق والقناعة " والرحمة " والعفاف وأن يكون مع هذا ارق على المريض من اهله واخف مؤونة عليه من نفسه وان يجعل همته في الفعل دون القول لان زيادة الفعل على القول مكرمة وزيادة القول على الفعل منقصة و يكون حرصه على جميل الذكر والأجر لا على الاكتساب والجمع ويختار من كل شئ أفضله وأعدله ولا يكون قدما ولا مكثارا ولا خفيفا ولا مستثقلا " ولا منتهكا ولا سهك البدن ولا مفرط الطيب ولا محقور اللباس ولا مشهورا ولا معجبا بنفسه مستطيلا على غيره محبا لسقطات اهل صناعته بل يستر " زللهم " (2) و يحوطهم، فإنه إذا فعل ذلك طاب ذكره وظهر فضله، وكل داء
صفحة ٤