لذلك، فكان منه الزلزلة ، فان كانت تلك البخارات والرياح المحتبسة في بطون الأرض غليظة كثيرة بقيت الزلزلة أياما كثيرة، وان كانت قليلة رقيقة تحللت سريعا وسكنت الزلزلة، " سرعة " وربما تصدعت الأرض بالزلازل فتخرج منها رياح عاصفة وتنخسف بها البلاد، وربما خرج من موضع الخسف رماد كما ذكر أرسطوطيلس، ويدل ذلك على أن في مواضع تحت الأرض نارية ملتهبة، وقد كان في أيامنا هذه بأرض آرمينية وفرغانة و " دنباوند " (1) وغيرها زلازل كثيرة وخسف باهل مدينة فرغانة عظيمة فصارت " دكة " (2) و أزيد بهذا الباب شرحا وأقول ان البخارات التي تجتمع في الهواء ان كانت رطبة وعصفتها الرياح استحالت وصارت مطرا، وان صادف (3) ذلك من الهوا بردا شديدا صار ذلك المطر ثلجا، وان كان مع البرد يبس شديد صار ذلك الثلج بردا، وانما البرد رطوبة تهرب من حرارة الهواء إلى جوف السحاب فتيبس فيه، ولذلك صار البرد في الربيع والخريف أكثر منه في الشتاء، فاما الضباب فإنه سحاب متكاثف يتحلل قليلا قليلا، ولذلك يدل الضباب على الصحو على ما انا ذاكره في باب علامات الهواء، وان كان الذي يتحلل من السحاب أكثر وأكثف من ذلك كان منه الندى والطل، وان زاد على الندى صار مطرا، وان سقط الندى ليلا واصابه برد الليل فيبسه صار سقيطا، " أو جليدا " وإذا احتبست البخارات في هواء متكاثف طلبت المنفذ فحدث من بينهما احتكاك " واصطكاك " شديد " بحيث ان " يكون له دوي يسمى الرعد وتلتهب من شدة ذلك الاحتكاك حرارة ملهبة كما يحدث لسائر الأجسام إذا احتك بعضها ببعض فيكون منها البروق، واما الريح والسحاب فيكونان بقدر ما يصعد من البخارات وانما كثرت الرياح في جهة الشمال والجنوب
صفحة ٢٤