لها ظاهر عام واثر عجيب في الأنفس والأبدان لا يخفى على أحد، والله مدبر ذلك وغيره والعالم بما خفي عن العباد من علله وأسبابه، فان الشمس إذا طلعت تغيرت عامة الأرضيات، وكذلك إذا غربت فان منها ما يذوب، ومنها ما يجمد، ومنها ما يجف، ومنها ما يلين، ومنها ما يصلب، ومنها ما يبيض، ومنها ما يسود، ومنها ما يعمي، ومنها ما يبصر، ويجترئ بعض، ويجبن بعض، وينتبه بعض، وينام بعض، فالذي يلين ويذوب مثل السمن والشمع، وما يجف ويصلب مثل الطين والعجين، ويبيض بها الهواء والماء، ويسود جلود الناس، ويعمى عند طلوعها الخفاش والبوم " و يبصر عند طلوعها البشر الكاملين آلة البصر، وذلك بيان مقنع " الباب العاشر فيما يحدث من فعل الطبائع في الهواء وتحت الأرض قال الفيلسوف ان كل جسم يتحرك حركة شديدة فإنه يلتهب ويلهب ما قرب منه، فلما تحركت الاجرام السماوية حركة دائمة مستديرة مسرعة تحول بحركتها ما اتصل بها والتهب لذلك بالحرارة، حتى اتصل ذلك الحر بالهواء، ومن الهواء بالأرض، وإذا عملت حرارة الشمس في رطوبات الأرض وحللتها ارتفع منها ألوان البخارات، لأنه ترفع من كل بحر ونهر وارض وجسم من الأجسام البخارات فيظهر بعضها ويبطن بعض، فيصير مما ظهر من تلك البخارات وكان رطبا ثقيلا المطر، ومما تكاثف منها الضباب والغمام، ومما كان منها حارا رطبا الرياح، ويكون مما بطن في الأرض من تلك البخارات أنواع الجواهر المعدنية على قدر قوى تلك الأرض والبخارات وألوانها، فان احتبست البخارات في مجارى الأرض ولم تجد مخرجا اضطربت وتحركت الأرض
صفحة ٢٣