أو كرسيا، والذي بالهوى كالحب يستحيل بغضا، والذي بالجوهر كالحيوان يستحيل إلى التراب ومن التراب إلى النبت، وليس " يتكون " (1) شئ ولا يفسد الا بالاستحالة، ولا يستحيل شئ الا بالفعل والانفعال، ولا يكون الفعل والانفعال الا بالاختلاط، و لا يختلط شئ بشئ الا ان يحس أحدهما بالاخر، فالحس ها هنا هو المتقدم لغيره، لكن من الحس فاضل ومنه خسيس، فالحس الفاضل ان يكون الشئ يحس بغير ويحس غيره أيضا به كالدواء الذي يحس به البدن ويحس الدواء به لان الدواء، يحول البدن ويحول البدن أيضا الدواء، والحس الخسيس مثل حس العاشق فإنه يحس بمعشوقه ورب معشوق لا يحس بعاشقه، وإذا اختلط شيئان فاما ان يثبتا جميعا على حالهما أو يثبت أحدهما ويفسد الاخر فاما اللذان يثبتان جميعا فمثل الطينة ونقش الخاتم فإنهما يثبتان ويختلطان وكالخمر والماء إذا امتزجا لم تقل ان أحدهما بطل لان هناك خمر وهناك ماء، والذي يفسد أحدهما فمثل الحطب والنار فان النار تفسد وتحولها إلى نفسها لأنها فاعلة والحطب مفعول، ومحال ان يفسد المختلطان جميعا لأنهما ان فسدا معا لم يكن هناك اختلاط، واعلم أن الكون والفساد يكونان في الجواهر وتكون الاستحالة والتغير في الكيفيات مثل حرارة تستحيل بردا أو حلو يصير مرا ويكون " الربو والاضمحلال " (2) في الكميات لأنها زيادة ونقصان تحدث في طول الجسم وعرضه وعمقه، ومعنى الربو ان يصيره الشئ الصغير كبيرا، ومعنى الاضمحلال ان يصير الشئ الكبير صغيرا، ومن قال إن الشيئين الممتزجين يدخل بعضهما في بعض فقد أخطأ لأنه ان دخل الماء في الخمر والخمر في الماء عند امتزاجهما فكل واحد منهما اذن قد دخل في صاحبه ودخل في نفسه أيضا
صفحة ١٧