الذي يستحيل هواء، وقد قال أفلاطون ان الشئ لا يصير مع ضده ابدا لكنه إذا صار الشئ في جسم من الأجسام بطل ضده الذي كان في ذلك الجسم، مثل جسم ابيض يصير اسود فلا يقال ان البياض انتقل إلى السواد بل نقول إن أحدهما بطل، وكل كيفية فإنها تستحيل على قدر سعتها وكثرتها وقلتها، فما كان منه أوسع وأقوى فإنه أبطأ استحالة مما قل وضعف، مثل العسل فإنه إذا طبخ تغير أولا لونه وبقي طعمه ولزوجته لان هاتين القوتين أغلب عليه وأوسع فيه من لونه، مثل الخمر التي لا يتغير لونها ويتغير طعمها، لان لونها أقوى وأكثر فيها من طعمها، وأسهل الاستحالة ان يستحيل الشئ إلى ما يضاده من أحد الطرفين مثل استحالة الماء إلى الأرض وأعسر الاستحالة ان يستحيل الشئ إلى ما يضاده من الطرفين جميعا مثل استحالة الماء إلى النار والنار إلى الماء فإنه لا يستحيل أحدهما إلى الاخر الا بتوسط بينهما كالماء الذي يستحيل أولا إلى الهواء ثم من الهواء إلى النار، فقس استحالات الأشياء كلها على ما بينت.
الباب السابع في الكون والفساد ان الكون استحالة شئ إلى شئ اخر، وهو ان يستحيل الشئ الوضيع " فيصر " رفيعا، كالنطفة التي تصير انسانا وكالنواة التي تصير نخلة، فاما الفساد " فهو " ان يصير الشئ الرفيع وضيعا، كالانسان الذي يصير ترابا " وكلاهما يطلق عليهما الاستحالة لكن الكون ان يستحيل من خسة إلى شرف والفساد من شرف إلي خسة " غير أن كون كل شئ فساد لشئ اخر، وفساد كل شئ كون لشئ اخر، وللكون ثلاثة وجوه، اما بالصناعة، واما بالهوى، واما بالجواهر، فالذي بالصناعة كالخشب الذي يستحيل بالصنعة فيصير بابا
صفحة ١٦