142

فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط ٤

الناشر

دار العاصمة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م

مكان النشر

صنعاء - اليمن

تصانيف

سَنَة، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْء أُطْعِم أَهْلِي إِلَّا شَيْء مِنْ حُمُر، وَقَدْ كَانَ رَسُول الله ﷺ حَرَّمَ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة، فَأَتَيْت النَّبِيّ ﷺ، فَقُلْت: يَا رَسُول الله، أَصَابَتْنَا السَّنَة، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِم أَهْلِي إِلَّا سِمَان حُمُر، وَإِنَّك حَرَّمْت لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة. فَقَالَ: أَطْعِمْ أَهْلَك مِنْ سَمِين حُمُرك، فَإِنَّمَا حَرَّمْتهَا مِنْ أَجْل جَوَّال الْقَرْيَة -يَعْنِي بِالْجَوَّالِ الَّتِي تَأْكُل الْجُلَّة، وَهِيَ الْعُذْرَة-، فَهَذَا الْحَدِيث مُضْطَرِب، مُخْتَلَف الْإِسْنَاد، شَدِيد الِاخْتِلَاف، وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى الْأَكْل مِنْهَا فِي حَال الِاضْطِرَار، وَاللهُ أَعْلَم. انتهى.
قلتُ: كلام النووي كلامٌ مفيدٌ، مختصرٌ، وقول ابن عباس بالإباحة قد صحَّ عنه كما في «البخاري» (٥٥٢٩)، واستدل بالآية: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام:١٤٥].
وابن عباس ﵄ قد بلغه النهي الذي في يوم خيبر، ولكنه قال كما في «الصحيحين» (^١): لا أدري أنهى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن الحمر الأهلية من أجل أنه كان حمولة الناس، فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرمها البتة يوم خيبر؟
قال الحافظ ﵀ في «الفتح» (٥٥٢٩): والاستدلال بهذا -يعني بالآية المتقدمة- إنما يتم فيما لم يأت فيه نصٌّ عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بتحريمه، وقد تواردت الأخبار بتحريمه، والتنصيص على ذلك مقدم على عموم التحليل، وعلى القياس.
وقال -مجيبًا عن احتمال ابن عباس، واحتمال غيره-: قلت: وقد أزال هذه

(^١) أخرجه البخاري (٤٢٢٧)، ومسلم برقم (٣٢) من [كتاب الصيد والذبائح].

1 / 144