وعندهم ظاهرا ، لقرب المزار وكثرة السفار ، وترددهم إليهم ، وتكررهم علينا . 2 - ثم لما ضمنا المجلس الحافل بأصناف الآداب ، والمشهد الآهل بأنواع العلوم ، والقصر المعمور بأنواع الفضائل ، والمنزل المحفوف بكل لطيفة وسيعة من دقيق المعاني وجليل المعالي ، قرارة المجد ومحل السؤدد ، ومحط رحال الخائفين ، وملقى عصا التسيار ، عند الرئيس الأجل الشريف قديمه وحسبه ، الرفيع حديثه ومكتسبه ، الذي أجله عن كل خطة يشركه فيها من لا توازي قومته نومته ، ولا ينال حضره ( 1 ) هويناه ، وأربأ به عن كل مرتبة يلحقه فيها من لا يسمو إلى المكارم سموه ، ولا يدنو من المعالي دنوه ، ولا يعلو في حميد الخلال علوه ، بل أكتفي من مدحه باسمه المشهور ، وأجتزي من الإطالة في تقريظه بمنتماه المذكور ، فحسبي بذينك العلمين دليلا على سعيه المشكور وفضله المشهور ، أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن قاسم صاحب البونت ( 2 ) ، أطال الله بقاءه ، وأدام اعتلاءه ، ولا عطل الحامدين من تحليهم بحلاه ، ولا أخلى الأيام من تزينها بعلاه ، فرأيته أعزه الله تعالى حريصا على أن يجاوب هذا المخاطب ، وراغبا في أن يبين له ما لعله قد رآه فنسي ، أو بعد عنه فخفي ، فتناولت الجواب المذكور ، بعد أن بلغني أن ذلك المخاطب قد مات ، رحمنا الله تعالى وإياه ، فلم يكن لقصده بالجواب معنى ، وقد صارت المقابر له مغنى ، فلسنا بمسمعين من في القبور ، فصرفت عنان الخطاب إليك ، إذ من قبلك صرت إلى الكتاب المجاوب عنه ، ومن لدنك وصلت إلي الرسالة المعارضة ، وفي صول كتابي على هذه الهيئة حيثما وصل كناية لمن غاب عنه من أخبار تآليف أهل بلدنا ، مثلما غاب عن هذا الباحث الأول ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وإن كنت في إخباري إياك بما أرسمه في كتابي هذا ' كمهد إلى البركان نار الحباحب ' ، وباني صوى في مهيع القصد اللاحب ، فإنك وإن كنت المقصود والمواجه فإنما المراد من أهل تلك الناحية من نأي عنهم علم ما استجلبه السائل الماضي ، وما توفيقي إلا بالله سبحانه . 3 - فأما مآثر بلدنا فقد ألف في ذلك أحمد بن محمد الرازي ( 3 ) التاريخي كتبا """""" صفحة رقم 173 """"""
صفحة ١٧٣