الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله وعلى أصحابه الأكرمين ، وأزواجه أمهات المؤمنين ، وذريته الفاضلين الطيبين . 1 - أما بعد يا أخي يا أبا بكر ( 2 ) سلام عليك ، سلام أخ مشوق طالت بينه وبينك الأميال والفراسخ ، وكثرت الأيام والليالي ، ثم لقيك في حال سفر ونقلة ، ووادك في خلال جولة ورحلة ، فلم يقض من مجاورتك أربا ، ولا بلغ في محاورتك مطلبا . وإني لما احتللت بك ، وجالت يدي في مكنون كتبك ، ومضمون دواوينك ، لمحت عيني في تضاعيفها درجا فتأملته ، فإذا فيه خطاب لبعض الكتاب من مصاقبينا في الدار ، أهل إفريقية ، ثم ممن ضمته حضرة قيروانهم ، إلى رجل أندلسي لم يعينه باسمه ، ولا ذكر بنسبه ( 3 ) ، يذكر له فيها أن علماء بلدنا بالأندلس ، وإن كانوا على الذروة العليا من التمكن بأفانين العلوم ، وفي الغاية القصوى من التحكم على وجوه المعارف ، فإن هممهم قد قصرت عن تخليد مآثر بلدهم ، ومكارم ملوكهم ، ومحاسن فقهائهم ، ومناقب قضاتهم ، ومفاخر كتابهم ، وفضائل علمائهم ، ثم تعدى ذلك إلى أن أخلى أرباب العلوم منا من أن يكون لهم تأليف يحيي ذكرهم ، ويبقي علمهم ، بل قطع على أن كل واحد منهم قد مات فدفن علمه معه ، وحقق ظنه في ذلك ، واستدل على صحته عند نفسه ، بأن شيئا من هذه التآليف لو كان منا موجودا لكان إليهم منقولا ، """""" صفحة رقم 172 """"""
صفحة ١٧٢