شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
تصانيف
أول شرك اليهود والنصارى سببه الغلو في الصالحين
وإذا نظرت إلى اليهود والنصارى وجدت أن أول الشرك فيهم كان بسبب الغلو، فترى أن اليهود والنصارى عندما غلو في الأنبياء وفي الصالحين صوروا لهم الصور، ثم بنوا عليهم القبور، فلما بنوا عليهم القبور بلغوا بهم إلى درجة الربوبية ودرجة الإلهية، ففي الصحيح عن أم حبيبة أنها لما ذكرت للنبي ﷺ الكنيسة التي رأتها في الحبشة وفيها تلك التصاوير قال النبي ﷺ: (أولئك شرار الخلق عند الله) لم يا رسول الله؟ قال: (لأنهم إذا مات فيهم الرجل الصالح صوروا له تلك التصاوير وبنوا على قبره).
فكان أول الشرك هو الغلو في الصالحين والبناء على القبور، وقد بين لنا شيخ الإسلام كيف حسم النبي ﷺ المادة وكيف دافع عن التوحيد الخالص حتى لا تقع الأمة في الشرك، فرسول الله ﷺ أولًا حث الأمة على عدم بناء المساجد على القبور، وذم كل من فعل ذلك وهو في مرض الموت، كما في الصحيح عن عائشة أنه كانت هناك خميصة أو قطيفة في يد النبي، فطفق النبي ﷺ يجعلها في رأسه ثم إذا أفاق قال: (ألا لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا إني أنهاكم عن ذلك).
ثم إنه حث الأمة على البعد عن ذلك بقوله: (لتتبعن) يعني: ينكر على الأمة، والأمة اليوم والله إنها قد تاهت وضاعت وفعلت كما فعل السابقون إلا من رحم الله قال: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة).
وفي رواية أخرى قال: (شبرًا بشر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
وفي رواية قال: (ولو نكح فيهم الرجل أمه لوجد في أمته من يفعل ذلك) وقد وقع فقد وجد في هذه الأمة من زنى بأمه والعياذ بالله.
فالنبي ﷺ يذم الفعل ويحذر ما صنعوا.
وأيضًا: عن عائشة ﵂ وأرضاها قالت: قال رسول الله ﷺ: (قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا إني أنهاكم عن ذلك).
5 / 5