ألا في سبيل الله ساكن مَلْحَدٍ ... وأوصافه في الأرضِ تُملي وتكتب
فتىً كرُمت أنسابهُ وخلالهُ ... فآلاؤه إرثٌ لديهِ ومكسب
سرى غير مسبوق ثناهُ وكيف لا ... وعنبره في نفحة الذِّكر أشهب
فمن مبلغٍ شيبان يوم ترحلت ... عُلاه بأن الأفق بالشهب أشيب
وأنَّ بني الآمال أعوز رعيهم ... وضاعوا فلا أمٌّ هناكَ ولا أب
فقدناهُ فقدانَ الربيعِ فدهرنا ... جمادى وزالَ المستماح المرجب
أخا أدبٍ بين المكارمِ والتقى ... على شرف الدَّارَيْن يسعى ويدأب
فلوْ لمْ تجُدْنا غُرّ نعماه جادَنا ... بفضل دُعاهُ وابلُ الغيثِ يسكب
مضى حيث تنأى عنه كلُّ ذميمةٍ ... وأعماله بالصالحاتِ تقرّب
وأيامهُ بدريَّةٌ لا يُضيرُها ... بوادِرُ ما تأتي وما تتجنب
تجاهدُ فيها النفس والعيش ممكنٌ ... وزبرج هذا العيش شيءٌ محبَّب
لحى الله دنيا لا تكون مطيَّةً ... إلى دَرَكِ الأخرى تزَمُّ وتركب
عجبتُ لمن يرجو الرِّضا وهو مهملٌ ... وتسويفنا مع ذلك العلم أعجب
وما هذه الأيامُ إلاَّ مراحلٌ ... وأجْدِرْ بها تقضي قريبًا وتقضب
إن كانت الأنفاسُ للعمرِ كالخُطَا ... فإنَّ المدى أدنَى منالًا وأقرب
أساكن جناتِ النعيمِ مهنأً ... وتارِكنا في حسرةٍ نتلهَّب
سقى عهدكَ الصوبُ الملِثُّ فطالما ... سقانَا ملثّ من نوالك صيِّب
ولا أغمدت أيدِي النوائِب غربها ... فما في حياةٍ بعدَ موتكَ مرغب
وقال وكتب إلى القاضي شهاب الدين بن الفضل
الطويل
على اليمنِ كانت عزمة فاضلية ... حمدنا قريبًا عزمها وإيابها
إذا سامَ مولانا الممالكَ حافظًا ... أعزَّ نواحِيها وأعلا جنابها
هداها حماها زانها جادها اعتلى ... فكان على الخمس الجهاتِ شهابها
ألا حبَّذا منه العبور لبدئِه ... أطالَ على الشعرى العبور قبابها
أخو اللفظِ دريُّ البدائع رائقٌ ... فصفْ خمرةً محبوبةً وحبابها
وذو المأثراتِ الغُرِّ للفضلِ تنتمِي ... إذا عددت أفعالها وانتسابها
1 / 45