حرف الهمزة
قال يمدح سيدنا محمدا ﷺ:
الوافر
شجونٌ نحوَها العشاقُ فاؤا ... وصبّ ما لهُ في الصبرِ راء
وصحبٌ إن غروا بملام مثلي ... فربَّ أصاحبٍ بالإثم باؤا
وعينٌ دمعها في الحبِّ طهرٌ ... كأن دموع عيني بيرُ حاء
ولاحٍ ما لهُ هاء وميمٌ ... له من صبوتي ميم وهاء
ومثلي ما لعشقتهِ هدوّ ... يرامُ ولا لسلوتهِ اهتداء
كأن الحبَّ دائرةٌ بقلبي ... فحيثُ الانتهاء الابتداء
بروحي جيرة رحلوا بقلبٍ ... أحبَّ وأحسنوا فيما أساؤا
بهم أيامُ عيشي والليالي ... هي الغلمانُ كانت والإماء
تولى من جمالهم ربيعٌ ... فجاء بنوء أجفاني الشتاء
وبثَّ صبابتي إنسان عيني ... فيا عجبًا وفي الفم منه ماء
على خدي حميم من دموعي ... صديق إن دنوا ونأوا سواء
فأبكي حسرةً حيثُ التَّنائي ... وأبكي فرحةً حيثُ اللقاء
كأن بكايَ لي عبدٌ مجيبٌ ... فما فرجي إذًا إلاَّ البكاء
بعين الله عينٌ قد جفاها ... كرَاهَا والأحبةُ والهناء
لفكرته سرىً في كل وادٍ ... كأنَّ حنينهُ فيها حداء
ذكتْ أشواقه فمتى تراها ... قباب قبا كما لمعت ذُكاء
بحيثُ الأفقُ يشرِقُ مطلعاه ... وحيث سنا النبوَّةِ والسناء
وبابُ محمدِ المرجوِّ يروَى ... لقاصدِه نجاحٌ أو نجاء
1 / 1
تلوذ بجاهِه الفقراء مثلي ... من العملِ الرديّ والاملياء
فأما واجدٌ فروَى رباحٌ ... وإمَّا مقتر فروى عطاء
لنا سند من الرجوى لديه ... غداة غد يعننه الوفاء
وترتقبُ العصاةُ ندَى شفيعٍ ... مجابٍ قبل ما وقع النداء
سلام الله إصباحًا وممسى ... على مثواه والسحب البطاء
كما كان الغمامُ عليه ظلًاّ ... عليهِ الآنَ يسفحُ ما يشاء
ألا يا حبَّذا في الرسل شافي ... قلوبٍ شفَّها للعشقِ داء
فمرسلة لها سحبُ العوافي ... يعفى الداءُ بادره الدواء
ومن انتقبت مناقبُ أبطحيٍّ ... وعنها الأرضُ تفصحُ والسماء
فيشهد نجمُ تلك ونجمُ هذي ... ويجري من يديهِ ندىً وماء
على ساق سعتْ شجرةٌ وقامت ... حروبُ النصرِ وازدَحمَ الظماء
ففي الدنيا لنا بجداه ساق ... وفي الأخرى لنا الحوضُ الرواء
وفي نارِ المجوسِ لنا دليل ... لأنفسهم بها ولها انطفاء
وفي الأسرَى وصحبته فخار ... ينادي ما على صبح غطاء
فقلْ للملحدِين تنقلوها ... جحيمًا إننا منكم براء
وأن أبي ووالدَهُ وعرضي ... لعرضِ محمدٍ منكم وقاء
وأن محمدًا لحبيب أنس ... وجنهمو لنعليه فداء
نبيّ تجمل الأنباء عنه ... جمالَ الشمسِ يجلوها الضحاء
وأين الشمس منه سنًا ولولا ... سناه لما ألمَّ بها بهاء
كأنَّ البدرَ صفرهُ خشوعٌ ... له والشمسَ ضرَّجها حياء
سريّ في حروف اللفظ سرّ ... لمنطقه وللضادِ اختباء
ألمْ ترَ أنها جلست لفخر ... وقامت خدمة للضاد ظاء
يولد فضل مولدِهِ سعودًا ... بنو سعدٍ بها أبدًا وضاء
لمبعثه على العادين نار ... وللهادين نور يستضاء
فخيرٌ ينعم السعداء فيه ... وبأسٌ تحتويهِ الأشقياء
يجرُّ على الثرى ذيل اتِّضاع ... وينصب في مكارمه الثراء
1 / 2
ويكتب بالنصال غداة روع ... سطورًا ما لأحرفها هجاء
ممدحة ثلاثتها لضرّ ... ضرَابٌ أو طعانٌ أو رماء
فيا لك من أخي صول ونسكٍ ... تقرّ له العدى والأولياء
سهام دعًا له وسهامُ رأيٍ ... لها في كل معركةٍ مضاء
درى ذو الجيش ما صنعت ظباه ... وما يدريه ما صنع الدعاء
وقال الجود بعد الحلم حسبي ... حياءً إن شيمتك الحياء
فنعمَ الحصنُ إن طلعت خطوبٌ ... ونعم القطبُ إن دارَ الثناء
ونعمَ الغوث إن دهياء دارت ... ونعم العونُ إن دارَ الرجاء
ونعمَ المصطفى من معشر مّا ... نجومُ النيراتِ لهمْ كفاء
تقدم سؤددٍ وقديم مجدٍ ... على سعد السعودِ لهُ حباء
ضفت حلل الثنا وصفت لديه ... وآدمُ بعدَها طينٌ وماء
فلولا معربُ الأمداحِ فيه ... هوى بيتُ القريضِ ولا بناء
ولولاه لما حجَّت وعجَّت ... وفودُ البيتِ ضاقَ بها الفضاء
فإن يتلىْ له في الحجّ حمدٌ ... فقدمًا قد تلته الأنبياء
أعدْ لي يا رجاءُ زمانَ قرب ... بروضته أعد لي يا رجاء
ولثم حصىً لتربتِهِ ذكيّ ... كأنَّ شذاه في نفسي كباء
وشكوى كربة فرِجتْ وكانتْ ... من اللاّتي يمدّ بها العناء
ونفس ذنبها كالنيلِ مدّا ... وما لوعود توبتها وفاء
مشوَّقة متى وُعدَتْ بخير ... تقل سينٌ وواوٌ ثم فاء
ولكن حبها وشهادتاها ... من النيرانِ نعمَ الأكفياء
صفيَّ الله يا أزكى البرايا ... بحبك من عقائدنا الصفاء
ويعتقنا المشفّع من جحيم ... فلا عجبٌ له منا الولاء
عليك من الملائك كلَّ وقتٍ ... صلاة في الجنان لها أداء
وأمداح بألسنة الورى في ... مطالعها ارتقاءٌ وانتقاء
إذا ختمت تعاد فكل تال ... له وقفٌ عليها وابتداء
1 / 3
وقال مؤيدية:
الخفيف
قام يرنو بمقلةٍ كحلاءِ ... علمتْني الجنون بالسوداءِ
رشأٌ دبَّ في سوالفه النم ... لُ فهامت خواطر الشعراء
روض حسن غنى لنا فوقهُ الحل ... يُ فأهلًا بالرَّوضةِ الغناء
جائر الحكم قلبه ليَ صخرٌ ... وبكائي له بكى الخنساء
عذلوني على هواهُ فأغرَوا ... فهواه نصبٌ على الأغراء
من معيني على رشًا صرتُ من ما ... ءِ دموعي عليه مثل الرشاء
من معيني على لواعج حبٍّ ... تتلظَّى من أدمعي بالماء
وحبيبٍ إليَّ يفعلُ بالقل ... بِ فعال الأعداء بالأعداء
ضيقِ العينِ إن رنا واسْتمحنا ... وعناء تسمح البخلاء
ليتَ أعطافهُ ولو في منامٍ ... وعدتْ باستراقةٍ للقاء
يتثنَّى كقامة الغصن اللد ... ن ويعطو كالظبية الأدماء
يا شبيهَ الغصون رفقًا بصبٍّ ... نائحٍ في الهوى مع الورقاء
يذكرُ العهدَ بالعقيقِ فيبكي ... لهواهُ بدمعةٍ حمراء
يا لها دمعةٌ على الخدِّ حمرا ... ء بدتْ من سوداء في صفراء
فكأنِّي حملتُ رنك بن أيو ... ب على وجنتي لفرط ولاء
ملك حافظ المناقب تروي ... راحتاه عن واصل عن عطاء
في معاليه للمديح اجتماعٌ ... كأبي جاد في اجتماع الهجاء
خلِّ كعبًا ورُم نداه فما كع ... بُ العطايا ورأسها بالسواء
وارجُ وعدَ المنى لديه فإسما ... عيلُ ما زال معدنًا للوفاء
ما لكفيهِ في الثراء هدوّ ... فهو فيه كسابحٍ في ماء
جمعتْ في فنائِه الخيل والإب ... ل وفودًا أكرم بها من فناء
لو سكتْنا عن مدحِه مدحته ... بصهيل من حوله ورُغاء
همةٌ جازت السماكَ فلم يع ... بأ مداها بالحاسد العوّاء
وندًى يخجلُ السحابَ فيمشي ... من ورا جودِهِ على استحياء
1 / 4
طالَ بيتُ الفخار منه على الشع ... ر فماذا يقول بيتُ الثناء
أعربت ذكرَه مباني المعاني ... فعجبْنا لمعرَبٍ ذي بناء
ورقى صاعدًا فلم يبقَ للحا ... سدِ إلا تنفسُ الصعداء
شرفٌ في تواضعٍ ونوالٌ ... في اعتذارٍ وهيبةٍ في حياء
يا مليكًا علا على الشمسِ حتَّى ... عمَّ إحسانهُ عمومَ الضياء
صنت كفي عن الأنامِ ولفظي ... فحرامٌ نداهُم وثنائي
وسقتْني مياهُ جودِك سقيًا ... رفعتْني على ابن ماء السماء
فابقَ عالي المحل داني العطايا ... قاهرَ البأس ظاهر الأنباء
يتمنى حسودُكَ العيشَ حتَّى ... أتمنَّى له امتدادَ البقاء
وقال يمدحه أيضا
البسيط
أودت فعالكِ يا أسما بأحشائي ... وا حيرتي بين أفعال وأسماء
إن كان قلبك صخرًا من قساوته ... فإن طرفَ المعنى طرفُ خنساء
ويحَ المعنى الذي أضرمتِ باطنه ... ماذا يكابد من أهوالِ أهواء
قامت قيامة قلبي في هواكِ فإن ... أسكتْ فقد شهدتْ بالسقمِ أعضائي
وقد بكى ليَ حتَّى الروضُ فاعتبروا ... كم مقلةٍ لشقيق الغصن رمداء
وأمرضتني جفون منكِ قد مرِضتْ ... فكان أطيبَ من نجح الدوا دائي
يا صاحبيّ أقلاّ من ملامكما ... ولا تزيدا بهذا اللوم إغرائي
هذي الرياضُ عن الأزهار باسمةٌ ... كما تبسَّم عجبًا ثغر لمياء
والأرض ناطقةٌ عن صنع بارِئها ... إلى الورى وعجيبٌ نطقُ خرساء
فما يصدكما والحالُ داعيةٌ ... عن شربِ فاقعةٍ للهمِّ صفراء
راحًا غريتُ بريَّاها ومشربها ... حتَّى انتصبت إليها نصب إغراء
من الكميت التي تجري بصاحبها ... جريَ الرهان إلى غايات سرَّاء
سكرًا أحيطتْ أبارِيقُ المُدامِ بهِ ... فرجعت صوتَ تمتامٍ وفأفاء
من كفِّ أغيد يحسوها مقهقهةَ ... كما تأوَّد غصنٌ تحت ورقاء
حسبي من الله غفرٌ للذنوبِ ومن ... جدوى المؤيد تجديدٌ لنعمائي
1 / 5
ملكٌ يطوّق بالإحسان وفد رجا ... وبالظبا والعوالي وفد هيجاء
ذا بالنضارِ وهذا بالحديد فما ... ينفكُّ آسرَ أحبابٍ وأعداء
داعٍ لجود يدٍ بيضاء ما برحتْ ... تقضي على كلِّ صفراءٍ وبيضاء
يدافع النكباتِ الموعداتِ لنا ... حتى الرياح فما تسري بنكباء
ويوقدُ الله نورًا من سعادتِه ... فكيف يطمع حسادٌ بإطفاء
لو جاورتْ آل ذبيانٍ حماهُ لما ... ذمُّوا العواقبَ من حالاتِ غبراء
ولو حمى حملَ الأبراجِ دَعْ حملًا ... يومَ الهباءة لم يقصدْ بدهياء
ولو رجا المشتري إدراكَ غايتِه ... لدافعته عصًا في كفِّ جوزاء
ما زال يرفع إسماعيلُ بيت علًى ... حتَّى استوتْ غايتا نسل وآباء
مصرّف الفكر في حبِّ العلومِ فما ... يشفى بسعدى ولا يروى بظمياء
له بدائع لفظ صاحبت كرمًا ... كأنَّهنَّ نجومٌ ذاتُ أنواء
وأنملٌ في الوغى والسلمِ كاتبةٌ ... إما بأسمرَ نضوٍ أو بسمراء
تكفلت كل عامٍ سحبُ راحته ... عن البرية إشباعي وإروائي
فما أبالي إذا استكثرت عائلةً ... فقد كفى همّ إصباحي وإمسائي
نظمتُ ديوانَ شعرٍ فيه واتخذت ... عليَّ كتابه ديوان إعطاء
وعادَ قولُ البرايا عبدُ دولتِه ... أشهى وأشهرَ ألقابي وأسمائي
محرَّرُ اللفظ لكنْ غر أنعمهِ ... قد صيرتنيَ من بعض الأرقاء
أعطي الزكاةَ وقدمًا كنتُ آخذها ... يا قرب ما بين إقتاري وإثرائي
شكرًا لوجناء سارتْ بي إلى ملكٍ ... لولاهُ لو يطو نظمي سمعةَ الطائي
عالٍ عن الوصفِ إلا أن أنعمهُ ... لجبرِ قلبي تلقاني بإصغاء
يا جابرَ القلبِ خذها مدحة سلمتْ ... فبيتُ حاسدِها أولى بإقواء
مشتْ على مستحب الهمز مصميةً ... نبالها كلَّ هماز ومشاء
بيوت نظم هي الجناتُ معجبة ... كأنَّ في كل بيتِ وجهَ حوراء
وقال مؤيدية
الخفيف
ليلُ وصل معطرُ الأرجاء ... لاحَ فيه الصباحُ قبلَ المساء
1 / 6
زارني من هويته باسمَ الثغ ... ر فجلى غياهبَ الظلماء
ألتقيه ويحسبُ الهجرَ قلبي ... فكأنِّي ما نلتُ طيبَ اللقاء
ربَّ عيش طهرٍ على ذلك الس ... فح غنمناهُ قبل يومِ التنائي
نقطعُ اليوم كالدجى في سكونٍ ... ودجاهُ كاليومِ في الأضواء
فكأنِّي بالأمن في ظل إسما ... عيلَ ربّ العلى وربّ الوفاء
ملكٌ أنشرَ الثنا في زمانٍ ... نسي الناس فيه ذكر الثناء
هاجرٌ حرفَ لا إذا سئل الجو ... دَ كهجران واصل للرَّاء
يسبقُ الوعدَ بالنوالِ فلا يح ... وِجُ قصَّادهُ إلى الشفعاء
شاعَ بالكتمِ جودُ كفَّيه ذكرًا ... فهو كالمسكِ فاح بالإخفاء
جاد حتَّى كادتْ عفاة حماهُ ... لا يذوقون لذَّةً للحباء
كلَّما ظنَّ جودَهُ في انتهاء ... لائمٌ عادَ جودُهُ في ابتداء
عذَلوهُ على النوالِ فأغروا ... فنداه نصبٌ على الإغراء
وحلا منّ بابه فسعت كالنَّ ... ملِ فيه طوائفُ الشعراء
شرفٌ في تواضع واحتمالٌ ... في اقتدارٍ وهيبةٌ في حياء
ربَّ وجناء ضامر تقطعُ البي ... دَ على أثرِ ضامر وجناء
في قفارٍ يخافُ في أُفقها البر ... قُ سرًى فهو خافق الأحشاء
رتعتْ في حماك ثم استراحت ... من ألِيمَين الرحلِ والبيداء
وظلامٌ كأن كيوان أعمى ... سائلٌ فيهِ عن عصا الجوزاء
ذَكرَ السائِلونَ ذكرَكَ فيهِ ... فسرَوْا بالأفكارِ في الأضواء
وحروبٍ تجري السوابحُ منها ... في بحارٍ مسفوحةٍ من دماء
من ضراب تشبّ من وقعةِ النا ... رُ وتطفي حرارةُ الشحناء
يئس الناسُ إذ تجلى فجلَّ ... يت دُجاها بالبأسِ والآراء
فاجل عني حالًا أرانيَ منها ... كلَّ يومٍ في غارةٍ شعواء
فكفى من وضوحِ حاليَ أنِّي ... في زماني هذا من الأدباء
ضاع فيه لفظي الجهير وفضلي ... ضيعةَ السيفِ في يدٍ شلاَّء
غير أنِّي على عماد المعالي ... قد بنيتُ الرجا أتمَّ بناء
1 / 7
ليتَ شعرِي من منك أولى بمثلِي ... يا فريدَ الأجوادِ والكرماء
دمتَ سامي المقامِ هامي العطايا ... قاهر البأس فارجَ الغماء
لمواليك ما ارْتجَى من بقاءٍ ... ولشانيك ما اخْتشَى من فناء
وقال يمدح قاضي القضاة تقي الدين السبكي
البسيط
ليلايَ كم ليلةٍ بالشعر ليلاء ... وليلةٍ قبلها كالثغر غراء
وصلٌ وهجرٌ فمن ظلماء تخرجني ... لنور عيش ومن نورٍ لظلماء
ما أنتِ إلا زمانُ العمرِ مذهبةٌ ... بالثغر والشعر إصباحي وإمسائي
أفديكِ من زَهرةٍ بالحسن مشرقةٍ ... بليتُ من عاذلي فيها بعوَّاء
ويح العذول يرى ليلي ويسمعُ من ... لا يسمعُ العذلَ فيها قولَ فحشاء
يا ربَّ طرفٍ ضريرٍ عن محاسنها ... وربَّ أذنٍ عن الفحشاء صمَّاء
وربَّ طيفٍ على عذرٍ يؤوبني ... بشخص عذراء يجلو كأس عذراء
فبتُّ أرشفُ من فيهِ وقهوتهِ ... حِلينِ قد أثملا بالنومِ أعضائي
زورٌ عفيفٌ على عينِ الشجيِّ مشى ... فيا لَهُ صالحًا يمشي على الماء
ثم انتبهت وذاتُ الخالِ ساكنة ... لم تدر سهدي ولم تشعر بإغفائي
رشيقةٌ ما كأني يومَ فرقتِها ... إلا على آلةٍ في القوم حدباء
ميتٌ من الحبِّ إلا أنني بسرى ... ذكرِ الصبابةِ حيٌّ بين أحياء
في كل حيّ حديثٌ لي يسلسله ... تعديلُ دمعيَ أو تجريحُ أحشائي
قد لوَّع الحبّ قلبي في تلهبهِ ... وصرَّحَ الدَّمعُ في ليلي بإشقائي
وزالَ ما زالَ من وصل شفيتُ به ... من عارض اليأس لكن بعد إشفائي
أيامَ لي حيث وارتْ صدغها قبلٌ ... كأنَّ سرعتها ترجيع فأفاء
تدير عينًا وكأسًا لي فلا عجب ... إذا جننت بسوداءٍ وصفراء
حتى إذا ضاء شيب الرأس بتّ على ... بقية من نواهي النفس بيضاء
مديرةَ الكأس عني أن لي شغلا ... عن صفو كأسك من شيبي بإقذاءِ
ما الشيب إلا قذى عين وسخنها ... عندي وعند برود الظلم لمياء
عمري لقد قل صفو العيش من بشر ... وكيف لا وهو من طين ومن ماء
1 / 8
وإنما لعليّ في الورى نعم ... كادت تعيد لهم شرخ الصبى النائي
وراحةٌ حوَت العليا بما شملت ... أبناء آدم بالنعمى وحوّاء
قاضي القضاة إذا أعيا الورى فطنًا ... حسيرة العين دون الباء والتاء
والمعتلي رتبًا لم يفتخر بسوى ... أقدامه الراءُ قبل التاء والباء
والثاقب الفكر في غرّاء ينصبها ... لكل طالب نعمى نصبَ إغراء
لطالب الجود شغل من فتوّته ... وطالبِ العلم أشغال بإفتاء
لو مس تهذيبهُ أو رِفقه حجرًا ... مسته في حالتيهِ ألفُ سرّاء
من بيت فضل صحيح الوزن قد رجحت ... به مفاخرُ آباءٍ وأبناءِ
قامت لنصرة خير الأنبياء ظبا ... أنصاره واستعاضوا خير أنباء
أهل الصريجين من نطق ومن كرمٍ ... آل الريحين من نصرٍ وأنواء
المعربون بألفاظٍ ولحن ظبا ... ناهيك من عربٍ في الخلق عرباء
مفرغين جفونًا في صباح وغى ... ومالئين جفانًا عند إمساء
مضوا وضاءَت بنوهم بعدهم شهبًا ... تمحى بنور سناها كلّ ظلماء
فمن هلالٍ ومن نجمٍ ومن قمرٍ ... في أفق عزٍّ وتمجيدٍ وعلياء
حتى تجلى تقيّ الدين صبح هدًى ... يملي وإملاؤه من فكره الرَّائي
يجلو الدّياجيَ مستجلى سناه فلا ... نعدم زمان جليّ الفضل جلاّء
أغرّ يسقي بيمناه وطلعته ... صوب الحيا عام سرَّاء وضرَّاء
لو لم يجدنا برفدٍ جادنا بدُعًا ... معدٍ على سنوات المحل دعاء
ذو العِلم كالعلم المنشور تتبعه ... بنو قرًى تترجاه وإقراء
فالشافعيّ لو استجلى صحائفه ... فدى بأمَّين فحواها وآباء
وبات منقبضًا ربّ البسيط بها ... ومات في جلده من بعد إحياء
يقرّ بالرّقّ من ملك ومن صحفٍ ... لمن يجلّ به قدر الأرقاء
لمن بكفيه إما طوق عارضةٍ ... للأولياء وإما غلّ أعداء
لا عيبَ فيه سوى تعجيلِ أنعمهِ ... فما يلذّ برجوى بعد إرجاء
يلقاك بالبشر تلوَ البرّ مبتسمًا ... كالبرق تلوَ هتونِ المزن وطفاء
أن أقطع الليل في مدحي له فلقد ... حمدت عند صباح البشر إسرائي
1 / 9
لبست نعماهُ مثلَ الروض مزهرةً ... بفائضاتِ يدٍ كالغيثِ زهراء
وكيف لا ألبس النعمى مشهرةً ... والغيث في جانبيها أيّ وشاء
وكيف لا أورد الأمداحَ تحسبها ... في الصحف غانية من بين غناء
يا جائدًا رام أن تخفى له مننٌ ... هيهات ما المسك مطويّ بإخفاء
ولا نسيم ثنائي بالخفيّ وقد ... رويته بالعطايا أي إرواء
خذها إليك جديدات الثنا حللًا ... صنع السريّ ولكن غير رفاء
وعش كما شئت مهما شئت ممتدحًا ... تثنى بخير لآلٍ خير آلاء
منك استفدت بليغَ اللفظِ أنظمه ... نظمًا يهيم ألباب الألباء
أعدت منهُ شذورًا لست أحبسها ... عن مسمعيك وليس الحبس من راء
وقال علائية يمدح ابن فضل الله
الكامل
جسمٌ سقيمٌ لا يرام شفاؤه ... سلبت سويدا مهجتي سوداؤه
عجبًا له جفنًا كما قسم الهوى ... فيه الضنى وبمهجتي أدواؤه
يا معرضًا يهوى فنا روحي ولي ... روح تمنى أن يطولَ بقاؤه
إن ينأ عني منك شخصٌ باخلٌ ... روحي وما ملكت يديّ فداؤه
فلربَّ ليلٍ شقّ طيفك جنحه ... والصبح لم ينشقّ عنه رداؤه
سمحًا يسابقني إلى القبل التي ... قد كان يقنعني بها إيماؤه
ومضيق ضمّ لو دراهُ معذِّبي ... ضاقت عليه أرضه وسماؤه
جسمان مرئيان جسمًا واحدًا ... كالنظم شدَّدَ حرَفهُ علماؤه
أفدي الذي هو في سناهُ وسطوهِ ... بدرٌ وقتلى حسنهِ شهداؤه
قامت حلاهُ بوصفه حتى غدا ... متغزلًا في خدِّه وأواؤه
حتام بين مذكرٍ ومؤنثٍ ... قلبي الشجيّ طويلة برحاؤه
وعلى الغزالة والغزال لأدمعي ... سيلٌ وأقوالُ الوشاةِ غثاؤه
سقيًا لمصر حمى بسيطٌ بحرُهُ ... للواصفين مديدةٌ أفياؤه
لو لم يكن بلدًا يعالي بلدةً ... بين النجوم لما ارتضاه علاؤه
أما عليّ المستماحُ فكلنا ... متشيعٌ يسري إليه ولاؤه
1 / 10
المشتري سلعَ الثناء بجودِهِ ... وبهاؤه لعطاردٍ وذكاؤه
دلَّت مناقبهُ على أنسابهِ ... وحَماهُ عن تسآل مَن لألاؤه
ذو الفضل من نسبٍ ومن شيمٍ فيا ... لله منبتُ عودِه ونماؤه
والعود صحَّ نجارهُ فإذا سرى ... أرَجُ الثنا فالعود فاح كباؤه
والبيت حيث سنا الصباحِ عمودُه ... وبحيث أخبية السعود خباؤه
واللفظُ نثرٌ من صفاتِ الحسنِ لا ... بيضاء روضِ حمًى ولا صفراؤه
والجود ما لحيا الشآمِ عمومهُ ... فينا ولا في نيل مصرَ فناؤه
والرأيُ نافذةٌ قضايا رسمهِ ... من قبل ما نوت الإرادةَ راؤه
وسعادة الدَّارين جلَّ أساسها ... بمعاقد التقوى فجلَّ بقاؤه
من أسرةٍ عمريةٍ عدويةٍ ... شهدت بفضل مكانها أعداؤه
من كلِّ ذي نسبٍ سمت أعراقه ... يوم العلا واستبطحت بطحاؤه
قوم همو غرَرُ الزمان إذا أضا ... أمرَاؤه وُزراؤه شعراؤه
ملأوا الثرى جودًا يزِينُ ربيعه ... والجوَّ ذكرًا تنجلي أضواؤه
فالجوّ تصدح بالمحامد عجمهُ ... والتربُ تنطقُ بالثنا خرساؤه
من حولِ منزلهِ الرَّجاءُ محلقٌ ... ومقصرٌ حمدُ الفتى وثناؤه
وقال جمالية في ابن شهاب محمود وأجاد
الكامل
وعدت بطيف خيالها هيفاءُ ... إن كان يمكن مقلتي إغفاء
يا من يوفر طيفها سهري لقد ... أمنَ ازديارَكِ في الدجى الرَّقباء
يا من يطيل أخو الهوى لقوامها ... شكواه وهي الصعدة السمراءُ
أفديك شمسَ ضحًى دموعي نثرةٌ ... لمَّا تغيبُ وعاذلي عوَّاء
وعزيزةٍ هي للنواظرِ جنَّةٌ ... تجلى ولكن للقلوب شقاء
خضبت بأحمرَ كالنضار معاصمًا ... كالماءِ فيها رونقٌ وصفاء
واهًا لهنَّ معاصمًا مخضوبةً ... سال النضارُ بها وقام الماء
أصبو إلى البَرحاء أعلمُ أنَّه ... يرضيكِ أن يعتادَني البرَحاء
ويبثُّ ما يلقاه من ألم الجوى ... قلبي وأنتِ الصعدةُ الصمَّاء
1 / 11
كم من جمالٍ عندَهُ ضرَّ الفتى ... ولكم جمالٍ عنده السراء
كجمالِ دين الله وابنِ شهابهِ ... لا الظلمُ حيث يرى ولا الظلماء
الماجد الرَّاقي مراتبَ سؤددٍ ... قد رصعت بجواره الجوزاء
ذاك الذي أمسى السها جارًا لهُ ... لكنَّ حاسدَ مجدهِ العوَّاء
عمت مكارمهُ وسارَ حديثهُ ... فبكلِّ أرض نعمةٌ وثناء
وسعت يراعتهُ بأرزاق الورى ... فكأنها قُلُبٌ وتلك رِشاء
وحمى العواصمَ رأيهُ ولطالما ... قعدَ الحسامُ وقامت الآراء
عجبًا لنارِ ذكائهِ مشبوبةً ... وبظلهِ تتفيأ الأفياء
وللفظه يزداد رأي مديره ... وحجاه وهو القهوة الصهباء
غني اليراعُ به وأظهرَ طرسهُ ... وكذا تكون الرَّوضةُ الغنَّاء
يا راكبَ العزماتِ غاياتُ المنى ... مغنى شهابِ الدينِ والشهباء
ذي المجد لا في ساعديهِ عن العلا ... قصرٌ ولا في عزمهِ إعياء
والعدلُ يردعُ قادرًا عن عاجزٍ ... فالذئب هاجعةٌ لديهِ الشاء
والحلم يروِي جابرٌ عن فضله ... والفضلُ يروِي عن يديهِ عطاء
يا أكملَ الرؤساء لا مستثنيًا ... أحدًا إذا ما عدَّت الرؤساء
يا من مللت من المعادِ لهُ وما ... ملَّت لديَّ معادَها النعماء
إن لم تقمْ بحقوق ما أوليتني ... مدحي فأرجو أن يقومَ دعاء
شهدت معاليك الرفيعةُ والندى ... أنَّ الورى أرضٌ وأنت سماء
وقال في الصاحب شرف الدين ناظر الممالك الحلبية
الكامل
سهرَت عليكِ لواحظُ الرُّقباء ... سهرًا ألذُّ لها من الإغفاء
فمتى أحاولُ غفلةً ومرادُهم ... بيعُ الرّقاد بلذَّة استحلاء
ومتى يقصر عاذلي ورجاؤه ... في مرِّ ذكرِكِ دائمًا ورجائي
قسمًا بسورةِ عارضيكِ فإنها ... كالنملِ عند بصائر الشعراء
وجفونكِ اللاتي تبرّحُ بالورى ... وتقول لا حرَجٌ على الضعفاء
إنِّي ليعجبني بلفظ عواذِلي ... مني ومنكِ تجمع الأسماء
1 / 12
وتلذُّ لي البرحاء أعلم أنه ... يرضيكِ ما ألقى من البرحاء
ويشوقني مغنى الوصالِ فكلَّما ... ذُكر العقيقُ بكيتهُ بدمائي
أيام لا أهوى لقاك بقدر ما ... تهوي لإفراط الوداد لقائي
متمازجان من التعانق والوفا ... في الحبِّ مزجَ الماءِ بالصهباء
لو رامت الأيَّامُ سلوةَ بعضنا ... لم تدرِ من فينا أخو الأهواء
وصلٌ سهرتُ زمانه لتنعم ... وسهرتُ بعد زمانه بشقاء
يا جفنُ لستُ أراكَ تعرفُ ما الكرَى ... فعلامَ تشكو منه مرَّ جفاء
كانت لياليَ لذَّةٍ فتقلَّصت ... بيدِ الفراق تقلصَ الأفياء
ومنازل بالسفح غُير رسمها ... بمدامعِ العشاقِ والأنواء
لم يبقَ لي غيرُ انتشاقِ نسيمها ... يا طولَ خيبةِ قانعٍ بهواء
كمؤمل يبغي براحةِ واهبٍ ... كرمًا ويتركُ أكرمَ الوزراء
الصاحب الشرفِ الرفيع على السها ... قدرًا برغم الحاسد العوَّاء
ندبٌ بدا كالشمس في أفق العلا ... فتفرقت أهلُ العلا كهباء
عالي المكانة حيث حلَّ مقامهُ ... كالنجمِ حيث بدا رفيعَ سناء
ما السحبُ خافقةٌ ذوائب برقها ... بأبرّ من جدواه في اللأواء
لا والذي أعلا وأعلن مجدَهُ ... حتى تجاوز هامةَ الجوزاء
لا عيبَ في نعماهُ إلا أنَّها ... تسلي عن الأوطانِ والقرباء
مغرى على رغم العواذلِ والعدَى ... بشتاتِ أموالٍ وجمعِ ثناء
لا تستقرُّ يداه في أمواله ... فكأنَّما هو سابحٌ في ماء
جمعت شمائله المديحَ كمثل ما ... جمعت أبي جادٍ حروفَ هجاء
وتفرَّدت كرمًا وإن قال العدَى ... إنَّ الغمامَ لها من النظراء
وتقدَّمت في كلِّ محفل سؤددٍ ... تقديمَ بسمِ اللهِ في الأسماء
أكرِمْ بهنَّ شمائلًا معروفة ... يومَ العلى بتحملِ الأعباء
يلوي بقولِ اللائمينَ نوالها ... كالسيلِ يلوي جريهُ بغثاء
ومراتبًا غاظَ السماءَ علوِّها ... فتلقبت للغيظ بالجرباء
ومناقبًا تمشي المدائحُ خلفها ... لوفورِ سؤدَدِها على استحياء
1 / 13
وفضائلًا كالرَّوض غنى ذكرُها ... يا حبَّذا من روضةٍ غناء
ويراعةً تسطو فيقرَعُ سنها ... خجلًا قوامَ الصعدة السمراء
هرَقتْ دمَ المحلِي المروِّعِ والعدَى ... حتى بدَتْ في أهبةٍ حمراء
عجبًا لإبقاءِ المهارق تحتها ... ونوالها كالدِّيمة الوطفاء
كم عمرتْ بحسابها من دولةٍ ... وبلا حسابٍ كم سختْ بعطاء
ولكم جلا تدبيرُها عن موطن ... دهماءَ واسأل ساحةَ الشهباء
لولاك في حلبٍ لأحدِر ضرعها ... وقرى ضيوفَ جنابها بعناء
يا من به تكفي الخطوبُ وترتمي ... بكرُ الثناء لسيدِ الأكفاء
أنت الذي أحيا القريضَ وطالما ... أمسى رهينَ عنًا طريدَ فناء
في معشر منعوا إجابة سائل ... ولقد يجيبُ الصخرُ بالأصداء
أسفي على الشعراءِ أنهمو على ... حال تثيرُ شماتةَ الأعداء
خاضوا بحورَ الشعرِ إلا أنَّها ... مما تريق وجوههم من ماء
حتى إذا لجأوا إليك كفيتهم ... شجنًا وقلت أذلةُ العلياء
ظنُّوا السؤال خديعة وأنا الذي ... خدعت يداه بصائرَ العلماء
أُعطوا أجورَهم وأعطيتَ اللهى ... شتانَ بين فنًا وبين بقاء
شكرًا لفضلك فهو ناعشُ عيشتي ... ونداك فهو مجيبُ صوتَ نِدائي
من بعد ما ولع الزمانُ بمهجتي ... فردعتَهُ وحبوني حوبائي
وبلغتَ ما بلغ الحسابُ براحةٍ ... عرِفتْ أصابعُ بحرها بوفاء
فانعم بما شادَتْ يداك ودُمْ على ... مرِّ الزمان ممدَّحَ الآلاء
واحكِ الكواكبَ في البقاءِ كمثلِ ما ... حاكيتها في بهجةٍ وعلاء
وقال يمدحه ﷺ
الطويل
مزجتُ بتذكار العقيق بكائي ... وطارحتُ معتلَّ النسيم بدائي
وإن حدَّثَ العذالُ عني بسلوةٍ ... فإني وعذَّالي من الضعفاء
وليس دوائي غير تربة أحمدٍ ... بطيبةَ عال فوقَ كلِّ سماء
تطوف بمسراهُ الملائكُ خشعًا ... مساءَ صباحٍ أو صباحَ مساء
1 / 14
فهل لي إلى أبياتِ طيبةَ مطلعٌ ... به مخلصٌ لي من إسار شقائي
أصوغ على الدُّرِّ اليتيم مدائحًا ... أُعدُّ بها من صاغةِ الشعراء
ببيت زهير حيث كعب مبارك ... وحسان مدحي ثابتٌ ورجائي
وقال يرثي الملك المؤيد والأفضل
الكامل
يا جفنُ أمزجْ أدمعي بدمائي ... وأشهدْ بها لملوكنا الشهداء
لهفي على ملكينِ جادَ عليهما ... في كلِّ أرض أفقُ كلّ سماء
لهفي لإسماعيل قبلَ محمدٍ ... لم أُلق يوم دراهما لفداء
أما ذبيحا مقلتي ومدامعي ... لهما فما وفيا بفيض دماء
بحرانِ أسندُ عن يزيدَ وواصلٍ ... لهما وأروي عن رجا وعطاء
ذهبا فلا ذهبٌ أناديه سوى ... ما صاغ خدِّي باحمرارِ بكائي
نم يا محمد مع أبيكَ فإنه ... ما رثَّ لا وأبيكَ عهدُ رثائي
وقال في الناصر حسن
البسيط
يا روضةَ الحسنِ إنَّ النفسَ خضراءُ ... فهل يدٌ بيننا للوصلِ بيضاءُ
بصاد أقسمُ ما للعينِ إن عشقتْ ... سواك نونٌ ولا ظاءٌ ولا راءُ
وإنَّ شعري إذا نظمتُ في غزل ... ومدحِ سلطاننا للروض وشاءُ
سلطاننا حسن الأوصافِ أجمعها ... يروي بها عن صحيح الملك أبناءُ
يا من له تعربُ الآفاقُ عن سير ... عظمى وتنطقُ أرضٌ وهيَ خرساءُ
تشريفُ عبدك نادى بيتُ مدحتهِ ... لقد تشرَّف بنيانٌ وبناءُ
أما العدى فلهم من خلطهم خلعٌ ... في الصدرِ سوداء أو في الرأسِ صفراءُ
وقال في سيف الدين
الكامل
قسمتُ بين ظبا الملاح تغزّلي ... ولمدح إنشاءِ الملوكِ ثنائي
ولسيفِ دين الله يعملُ خيلهُ ... غزوا من البلقاءِ للشهباء
بين العشائرِ والعشيرِ محاسنٌ ... غزواتهُ بالرأي والآراء
بالرّعب طورًا والقواضبِ تارةً ... تزْوَرُّ منه نواظرُ الزَّوراء
1 / 15
فكأنني بك فاتحًا شرقيها ... للسدِّ يا مفتاحَ كلّ هناء
وكأنني يا سيفَ دولة فتنةُ ... بك وهو مفتخرٌ على القدَماء
في الشعرِ والإنشاءِ بابنِ نباتةٍ ... تزهو على الخطباء والشعراء
وقال في ناصر الدين
الرمل
قسمًا ما حلت عن عهدِ الوفاء ... بعد مصرَ لا ولا نيلَ بكائي
حبها تحتي وفوقي ويميني ... وشمالي وأمامي وورائي
فهي ستي من جهاتي ولديها ... سيّدي من حيث ودِّي وولائي
ناصر الدين الذي ابيضَّ ثنا ... تُضرَبُ الأمثال فيه بالثناء
شائد البيتِ الذي ما زال يمشي ... حالُ مثلي من ذويه بضياء
سادة السادات من دين ودنيا ... بلغاءٍ وزراءٍ أولياء
لا عدمنا قصصًا للمدح فيهم ... داعيًا كالنمل وفد الشعراء
وقال جوابا للشيخ برهان الدين القيراطي
البسيط
صفاءُ وديَ مشهور لديك فما ... للنفسِ أشياء أخفيها وأشياء
حاشا الدليل على البرهان يشهده ... في محضرين أحباء وأعداء
يا ليت صحبًا على ضعفي وقوَّتهم ... ولي من الشكرِ أشواقٌ وإملاء
وحسبُ قلبي إن كان الصدود رضًى ... فداوني بالتي كانت هي الداء
وهاكَ يا ساكنًا قلبي كؤوس طلًا ... لو مسَّها حجرٌ مسَّته سراء
وقل لمن قلبه أيضًا قسا حجرًا ... هلاَّ تفجَّر منه كالصفا ماء
آهًا لشرخِ شبابٍ كان لي ومضى ... واعتضت شرخًا ولكن ماله خاء
وقال
مخلع البسيط
يا واحدَ المدحِ والثناءِ ... وموجبَ الأجرِ والدُّعاءِ
تهنَّ بالعشرِ في سرورٍ ... وفي حبورٍ وفي ارتقاءِ
فلثمُ يمناك فيه لثمٌ ... بخمسها لازم الأداءِ
فأنت بالعشر في سرورٍ ... ونحن بالخمس في ثناءِ
1 / 16
وقال
الكامل
أهلًا بمنداك السعيدِ وحبَّذا ... في مطلعِ العلياءِ منكَ بهاءُ
في الأرضِ من أثرِ السرَى قولٌ به ... يملي الهنا ولشهرنا إصغاء
نهدي الذي بهباته وثنائه ... سمعَ الأصمُّ وقالتِ الخرساء
وكتب إلى الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة
الخفيف
غاب ذو الفضل في حمى مصرَ عنَّا ... فهنيئًا له حمى النعماء
تسقط الطيرُ حيث تلتقطُ الح ... بَّ وتغشى منازلَ الكرماء
حجليّ إذا انتسبتَ ولكن ... ألفُ عرفٍ له وألفُ ثناء
وقال
مجزوء الرمل
أيها الكامل قصرًا ... وولاءً وثناء
أحمدُ الله الذي قد ... جعلَ الشمس ضياء
سيدٌ حلَّ من المج ... دِ المعلى حيث شاء
ودَنَا وِردُ أيادي ... هِ فقصرْت الرِّشاء
وقال
المجتث
شكرًا لنعماك يا من ... عليه سرُّ ثنائي
كم نعمةٍ لك مهما ... نظرتُ كانت إزائي
يمنايَ يسرايَ فوقي ... تحتي أمامي ورائي
وقال
البسيط
وهائمٌ بالجواري الخودِ قلبيَ من ... سمرِ القدود فسمراءٌ ولمياء
من السراري التي من بعد موت أبٍ ... لو مسَّها حجرٌ مسَّته سرَّاء
وقال مهنئا بشهر رجب
الكامل
هنئتَ شهرًا بالسعادة مقبلًا ... يا من أفاضَ على الورى نعماءه
1 / 17
أسمعته فيك الثناءَ مخبرًا ... فانظر لمن سمعَ الأصمُّ ثناءَه
وقال
الكامل
ما بال ليلي لا يسير كأنَّما ... وقفت كواكبه من الإعياء
وكأنَّما كيوانُ في آفاقهِ ... أعمى يسائلُ عن عصا الجوزاء
وقال
الطويل
أكتمُ أخبارَ الهوى عن عواذِلي ... وللطرفِ منِّي بالمدامعِ أنباء
فيا عجبًا منِّي لإنسان مقلني ... يحدِّث أخباري وفي فمه ماء
وقال
الطويل
أمولايَ فخرَ الدِّين شكرًا لأنعمٍ ... لنا بشذاها غبطةٌ وهناء
سقيتَ بماءِ الوردِ غرسَ مكارمٍ ... فلا عجبٌ إن فاحَ منه ثناء
وقال يرثي ولده عبد الرحيم
البسيط
يا لهفَ قلبي على عبد الرَّحيم ويا ... شوقي إليه ويا شجوي ويا دائي
في شهرِ كانونَ وافاهُ الحمامُ لقد ... أحرقتَ بالنارِ يا كانونُ أحشائِي
وقال
الكامل
صحبتْ ركابَك حيث سرتَ مسرةٌ ... موصولةٌ بسعادةٍ وهناء
وجرت على الوادِي وطيبِ بلادِهِ ... فزها الصعيدُ على طَهورِ الماء
وقال
الخفيف
رُبَّ سوداء مقلةٍ هيجتْ لي ... داءَ وجدٍ أعظم بهِ من داء
ليتَ رمَّانَ صدرِها كان يجنى ... فهو بعضُ الدَّوا من السوْدَاء
وقال
الخفيف
يا سراةَ الشآمِ أشكو إليكم ... أرضَ قُلٍّ فلاحها للرجاء
1 / 18
وإذا قلَّتِ الفِلاحة في الأر ... ضِ فعتبُ الفتى على الرُّؤساء
وقال
الخفيف
رَبّ إنَّ ابنَ عامرٍ هائمُ الف ... كرِ معنًى في صبحهِ والمساء
يتمنى القضا فلا تعطينهُ ... واجعلِ الموتَ سابقًا للقضاء
وقال
مخلع البسيط
مشروط خدٍّ مُصحفٍ كم ... جاءَ رقيبٌ له إزائي
إن قلتُ ذا الشرط منك شرطي ... قال وهذا الجزا جزائي
وقال
مجزوء الرمل
سائلي عن شرحِ حالي ... كيفَ حالُ الضعفاء
فرط إسهالٍ وفقرٍ ... إنَّ ذا حالُ خراء
وقال
المجتث
مولاي رفقًا بصبٍّ ... صدعتهُ بجفائِك
لا تكسرنَّ إناءً ... ملآنةً بولائِك
وقال
الخفيف
لا ونعماكَ لم يكنْ سببُ التأ ... خير قصدي ولم يكن عن رجائي
إنَّما كان هيضة حققتْ لي ... أنَّ حالي في البعدِ حالُ خراءِ
وقال
الكامل
هنأت منزلكَ الذي قد زُخرِفت ... جنباته وعلا بهِ استعلاءُ
أحسن بها فوَّارةً وجوانبًا ... سالَ النضارُ بها وقامَ الماءُ
1 / 19
حرف الباء الموحدة
قال مؤيدية
الكامل
بالغتَ في شجني وفي تعذيبي ... ومعَ الأذى أفديكَ من محبوب
يا قاسيًا هلاَّ تعلم قلبهُ ... لينَ الصبا من جسمهِ المشروب
آهًا لوردٍ فوقَ خدِّك أحمر ... لو أنَّ ذاك الوردَ كانَ نصيبي
ولواحظٌ ترِثُ الملاحةَ في الظبا ... إرثَ السماحةِ في بني أيوب
فتحت بنو أيوبَ أبوابَ الرجا ... وأتتْ بحارهمو بكلِّ عجيب
وبملكهم رفعَ الهدى أعلامهُ ... وحمى سرادِقَ بيتهِ المنصوب
وإلى عمادهُم انتهتْ علياؤُهم ... وإلى العلاء قد انتهتْ لنجيب
ملكٌ بأدنى سطوِه ونوَاله ... أنسى ندى هرمٍ وبأسَ شبيب
الجود ملءُ والعلم ملء ... مسامع والعز ملءُ قلوب
ألِفت بأنبوبِ اليراعةِ والقنا ... يمناهُ يومَ ندًى ويومَ حروب
فإذا نظرتَ وجدتَ أرزاقَ الورى ... ودمَ العداةِ يفيضُ من أنبوب
كم مدحةٍ لي صغتها وأثابها ... فزَهتْ على التفضيضِ والتذهيب
وتعوَّدت في كلِّ مصرٍ عنده ... مرعى يقابل جدبها بخصيب
يا رُبَّ بشرٍ منه طائيَّ الندى ... يلقى مدائحًا لقاء حبيب
وقال يمدحه
البسيط
ما ضرَّ من لمْ يجدْ في الحبِّ تعذيبي ... لو كانَ يحملُ عنِّي همَّ تأنيبي
أشكو إلى اللهِ عذَّالًا أكابدُهم ... وما يزيدون قلبي غيرَ تشبيب
1 / 20