وخفِّف ما نلقى من الحزنِ أننا ... بمنْ غابَ عنَّا لاحقون بترتيب
وما هذهِ الأيَّامُ إلا ركائبٌ ... إلى الموتِ في نهجٍ من العمرِ مركوب
إذا ظنَّ تبعيد الحمامِ وصلنه ... بشدٍّ على رغم النفوس وتقريب
فكم هرِمٍ أو ناشئٍ عملت بهِ ... عواملُ من مجرورِ خطبٍ ومنصوب
وكم هين الأخلاقِ أو متغلبٍ ... نفاهُ بحتمٍ غالب غير مغلوب
وكم ذي كتابٍ في الورى وكتيبةٍ ... غدَا داخِلًا من موته تحت مكتوب
وكم غافلٍ يلهو بساقٍ من المنى ... يدِيرُ على أمثالهِ وعدَ عرقوب
وكم آملٍ في العمرِ يحسب حاصلًا ... أتاه حِمامٌ عاجلٌ غير محسوب
ودُمْ يا إمامَ الوقت عمنْ فقدتهُ ... وعشْ عيشَ مرجوٍّ مدى الدهر موهوب
مضى الخال حيث الوجه باقٍ لمادِحٍ ... فما الدهر فيما قد أتاه بمعتوب
وقال يرثي بدر الدين بن العطار
الطويل
حجبت ولم أحسب سنا البدرِ يحجب ... ولا خلتهُ في باطنِ الأرضِ يغرب
وأوْرَثتْ عيني جود كفِّكَ فانْبرت ... تسحُّ بأنواءِ الغمام وتَسكُب
يذَكرْني بدرُ السماءِ سِميّه ... فها أنا أرعى كلّ بدرٍ وأرقب
ومذ آثرَت فيكَ الكواكب حكمها ... صددت فما يرعى بجفنيَّ كوكب
يقولون إن الشهب في كبدِ السما ... لها أسدٌ يردِي الأنامَ وعقرب
دعِ الأسدَ الأفقيّ يفترِسُ الورى ... وَدَعْ عقرب الأفلاكِ للخلق يسلب
عليكَ خشيتُ الخطب قبل أوانِهِ ... وحاذرتُ صرفَ الدهرِ وهو مغيَّب
وما حسبتُ كفّي نوالك كثرة ... ولكنْ المحذورِ الرَّدى كنتُ أحسب
لمن يستجدّ الفكر بعدَك مدحةً ... يفضِّضُ في ألفاظها ويذَهب
لمن نترجَّى بعد بابك إنَّه ... لِبذْلِ الندى بابٌ صحيحٌ مجرب
لمن تلتجي العافونَ بعد عوارِفٍ ... عوارفَ ما تسعَى إليه وتطلب
على شرفِ الأخلاقِ بعدكَ والوفا ... سلامٌ كوجه الروض والروضُ معجب
مضت صدقاتُ السرِّ بعدك وانْقضتْ ... فيا أسفًا للسرِّ بالصدرِ يذهب
مضى رونقُ الآداب بعد وضوحه ... وغيَّب ذاك المنظر المتأدب
1 / 44