فأنتَ في رتب العليا وما وسعت ... بحرٌ تحدَّث عنه البحر بالعجب
ما غابَ عنَّا سرَى شخص لوالدِه ... وعلمهُ والتُّقى والجود لم يغب
جادتْ ثراكَ أبا الحكَّام سحبُ حيًا ... تخطو بذيلٍ على مثواك منسحب
وسارَ نحوكَ منَّا كلُّ شارقةٍ ... سلام كلُّ شجيّ القلب مكتئب
تحيةُ الله نهدِيها وتتْبعها ... فبعدَ بُعدِكِ ما في العيشِ من أرب
وخفِّف الحزن إنَّا لاحقون بمن ... مضَى فأمضَى شَبَاة الحادث الأشِب
إن لم يسرْ نحوَنا سِرنا إليهِ على ... أيَّامنا والليالي الذَّهب والشهب
إنَّا من التُّربِ أشباح مخلقة ... فلا عجيبٌ مآل التُّربِ للتُّرب
وقال يرثي خال ابن الشرف يعقوب
الطويل
نظير أبٍ كنَّا فقدنا ومحبوب ... يمينًا لقد جدَّدتَ لي حزنَ يعقوب
وهيَّجتَ أحزانِي على خيرِ صاحبٍ ... لقيت الذي لاقاه يا خيرَ مصحوب
لئن كنت خالًا زانَ حجب أخوَّة ... لقد كنت وجهًا للتُّقى غير محجوب
وإن كنت كم أقررت لي عين فارحٍ ... لقد سخنت من بعدِها عين مكروب
أقلَّبُ قلبًا بالأسى أيّ واجبٍ ... وأندب شخصًا في الثرى أيُّ مندوب
بكيتك للحسنى وللبرِّ والتقى ... وللبركاتِ الموفياتِ بمطلوبي
وللشملِ مجموعًا بيمنك وادِعًا ... وللخيرِ كم سببته خير تسبيب
بكتكَ محارِيب التهجُّد في الدُّجى ... بكاءَ شجٍ حاني الجوانح محروب
بكتكَ زوايا الزُّهد كانت خبيئةً ... لسكانِها تدنِي لهم كلّ مرغوب
بكتكَ ذوو الحاجاتِ كنتَ إذا دَعوا ... سفيرًا لمضرورٍ مجيرًا لمنكوب
بكتكَ دِيارٌ كنتَ أعطفَ والِدًا ... لمن حلَّ من شبانها ومن الشيب
وطائر يمنٍ قد أويتَ كوكرِها ... إلى نسب القربى بها خيرَ منسوب
إذا ألسنُ الآثارِ عنكَ تذاكرتْ ... شممنا على تِذكارِها نفحةَ الطيب
عليكَ سلامُ الله من مترحِّلٍ ... ترحَّلَ ذي جودٍ من السحب مسحوب
وهنَّئتَ بالجناتِ يا تارِكي على ... سعيرٍ من الأحزانِ بعدَك مشبوب
نُفارِقُ محبوبًا بدمعٍ وحسرةٍ ... فمن بين تصعيدٍ عليك وتصويب
1 / 43