وتكثر الإحالات إلى المؤلفين الغربيين سواء من العصور الوسطى أو الحديثة مثل سنسناتوس وأوريجان وسيريل وأوغسطين وماركس وفرويد واشبنجلر ومردال وسارتر في صراعه مع الرومان بالرغم مما في وجه المقارنة من تعسف وحكم جائر على الحسين شهيدا ووصفه بأنه كان متعطشا للحكم! وتوصف مصر المسيحية بأثر أوريجان وسيريل ومجمع خلقيدونية. ويتساوى في الثقافة العربية في المغرب العربي القديس أوغسطين وابن خلدون وخير الدين باشا! والتاريخ باعتباره قاعدة أساسية للوعي القومي يعتمد بالضرورة على شهادة لاشبنجلر بالضرورة حتى ولو كان التشبيه أعجميا مثل «زاوية المدخن!». واقتران النظر بالعمل في الإسلام لا يوجد فقط عند الرسول محمد بل أيضا عند ماركس. وتحليل الشعور العربي الإسلامي لا يتم إلا بالإحالة إلى فرويد في «مستقبل وهم» وإلى ميرلو بونتي حتى ولو كان الاستشهاد صعب الفهم ركيك العبارة، وهو الذي يشعر المؤلف نحوه بقرب كبير، ووصف الخلق عن طريق سارتر والعالم العربي عن طريق مردال.
6
بل إن الحديث عن أيديولوجية البعث يتم أيضا عن طريق الإحالة إلى الثقافة الغربية؛ سواء في إنكاره للمادية التاريخية، أو في تأثر ميشيل عفلق برونبرغ والهيجلية والشخصانية.
7
حتى الخاتمة لم تسلم من استشهاد بمالرو ونقض له فيما يتعلق بطي صفحة التاريخ بطي صفحة اللاهوت.
8
إن تعريف الشيء الغامض بشيء آخر أكثر غموضا لا يتفق مع قواعد التعريف، وبالتالي فإن إحالة مكونات الشعور العربي الإسلامي الحالي إلى مكونات الشعور الغربي هي إحالة للشيء الغامض إلى شيء أكثر غموضا، مع أن الإحالة إلى التجارب المعاشة أو إلى المخزون التراثي الثقافي يساعد على التوضيح المطلوب.
وتبدو مظاهر التغريب في دراسة الشخصية العربية الإسلامية؛ سواء في الأحكام العامة أو في النظرة إلى التاريخ والعصور أو في بعض المصطلحات أو في المراجع العامة. فمن الأحكام العامة ما يقوله المؤلف من أن تقهقر المشرق العربي وتقدم المغرب العربي ثقافيا - مع التسليم جدلا بذلك - إنما يرجع إلى أن المشرق العربي لم ينهل من باع الثقافة الغربية قدر ما نهل المغرب العربي مما أغرق المشرق في القديم وقطعه عن الحداثة، في حين أن المغرب العربي قدم حلولا لمشكلة التقليد والحداثة مازجا بين الاثنين. ومثل هذا الحكم يقوم على وضع معكوس، وذلك لانفتاح المشرق على الغرب منذ القرن الماضي بلا حدود، كما أن انفتاحه كان متنوعا وليس فقط على الثقافة الفرنسية. والإغراق في القديم سمة عامة في المشرق والمغرب على حد سواء. بل إن المزاوجة بين القديم والجديد أكثر وضوحا في المشرق على ما وضح في حركات الإصلاح منه في المغرب الذي تحولت فيه المزاوجة إلى ازدواجية وصراع بين الجديد الذي مثلته ثقافة المستعمر وبين القديم الذي مثله التراث دفاعا عن الهوية الوطنية. وما يقدمه المغرب العربي في هذا العصر يشابه ما قدمه الشوام في العصر الماضي، يصبح البعض منه قريبا من الشقشقات اللفظية التي تردد جوانب عديدة من ثقافات الحي اللاتيني. أما بالنسبة للتاريخ والعصور فإن المؤلف يعتبر الإسلام جزءا من تاريخ العصر الوسيط، وكأنه يتبنى الغرب كمقياس لكل الحضارات، فتاريخ الغرب وعصوره الوسطى والحديثة والمعاصرة هي تاريخ لكل الحضارات وعصورها. فالمؤلف يقع ضحية المركزية الأوروبية والتي تجعل ما سواها مجرد أطراف. يتحدث المؤلف عن إسلام العصر الوسيط والإسلام التركي المتوسطي، وعن بنية الدولة في البلاد العربية خلال العصر الوسيط والحديث. وفي العصور الحديثة يتبنى المؤلف التاريخ الميلادي ويسقط من حسابه التاريخ الهجري، فيتحدث عن ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، وعن السلطان خليفة المسلمين في القرن السادس عشر.
9
ويستعمل المؤلف مصطلح البرجوازيات، والبرجوازية الصغرى نظرا لاستقرار المصطلح وشيوعه في الفكر العربي المعاصر. أما بالنسبة إلى المراجع فإن نسبة المراجع العربية إلى المراجع الأجنبية كنسبة 1 : 7. فمن بين 162 مرجعا هناك 21 مرجعا عربيا في مقابل 141 مرجعا باللغات الأجنبية منها 17 مرجعا لمفكرين عرب، 47 مرجعا لمستشرقين أوروبيين، وبالتالي نسبة الاستشراق العربي إلى الاستشراق الأوروبي 1 : 3. ولا تدخل في المراجع مؤلفات الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده وقاسم أمين في دراسة الشخصية العربية الإسلامية!
صفحة غير معروفة