أجر لسان جرير، وعدا عديا عن مدح ذويه، وأنسى جرولًا العواء في أثر قوافيه وإن تغزل أربى على الساحرات فنونًا، وأزرى بالغانيات مجونًا.
وقد وعدت في صدر هذا الكتاب بأن أتخلل أشعار الشعراء، ورسائل الكتاب والوزراء، بما عسى أن يتعلق بأذيالها، ويساير أفياء ظلالها: من أنباء فتن ذلك الزمان البعيد - كان طلقها، المفرق لشمل الأمر في هذه الجزيرة نسقها. ونلمع بنبذ من مشهور وقائعها، ونشير بأسماء طوائف توابعها وزوابعها، الذين استظهروا على شهواتهم بجر ذيولها، وامتروا بطالاتهم من أخلاف أباطيلها، حتى شقوا عصاها، وأداروا بدائرة السوء على الجماعة رحاها؛ ليجمع هذا المجموع بين الشعر والخبر، جمع الروضة بين الماء والزهر، والزمان بين الأصائل والبكر، فإني رأيت أكثر ما ذكر الثعالبي من ذلك في " يتيمته " محذوفًا من أخبار قائليه، مبتورًا من الأسباب التي وصلت به وقيلت فيه؛ فأمل قارئ كتابه منحاه، وأحوجه إلى طلب ما أغفله من ذلك سواه.
وسينخرط في سلك ما أوشح به هذا التصنيف، من تلخيص التعريف بأخبار ملوك الجزيرة، وسرد قصصهم المأثورة، ووقائعهم المبيرة
1 / 34