@ذكر الكتاب والوزراء، وأعيان الأدباء والشعراء، بحضرة قرطبة
@وما يصاقبها من بلاد موسطة الأندلس، وتسمية من نشأ من
@فرسان هذا الشان، من آخر دولة بني عامرٍ إلى وقتنا،
@وإيراد ما انتخبته من نظمهم ونثرهم، مع ما يتعلق
@من فنون المعارف المفيدة بذكرهم
قال أبو الحسن بن بسام ﵀:
وحضرة قرطبة، منذ استفتحت الجزيرة، هي كانت منتهى الغاية، ومركز الراية، وأم القرى، وقرارة أهل الفضل والتقى، ووطن أولي العلم والنهى، وقلب الإقليم، وينبوع متفجر العلوم، وقبة الإسلام، وحضرة الإمام، ودار صوب العقول، وبستان ثمرة الخواطر، وبحر درر القرائح؛ ومن أفقها طلعت نجوم الأرض وأعلام العصر، وفرسان النظم والنثر؛ وبها انتشأت التأليفات الرائقة، وصنفت التصنيفات الفائقة؛ والسبب في ذلك، وتبريز القوم قديمًا وحديثًا هنالك على من سواهم، أن أفقهم القرطبي لم يشتمل قط إلا على أهل البحث والطلب، لأنواع العلم والأدب. وبالجملة فأكثر أهل بلاد هذا الأفق أشراف عرب المشرق افتتحوها، وسادات أجناد الشام والعراق نزلوها؛ فبقي النسل فيها بكل إقليم، على عرقٍ كريم، فلا يكاد بلد منها يخلو من كاتب ماهر، وشاعر قاهر؛ إن مدح ما كثير عنده بكثير، وإن هجا
1 / 33