وأي ثواب في اللعنة والبراءة، ان الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلف: لم لم تعلن؟
بل يقول له لم لعنت؟ ولو أن انسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يكن عاصيا ولا آثما، ولو جعل الإنسان عوض اللعنة استغفر الله كان خيرا له، ثم كيف يجوز للعامة ان تدخل نفسها في أمور الخاصة، وأولئك قوم كانوا أمراء هذه الأمة وقادتها ونحن اليوم في طبقة سافلة جدا عنهم فكيف يحسن بنا التعرض لذكرهم؟ أليس بقبيح من الرعية ان تخوض في دقائق أمور الملك وأحواله وشئونه التي ترى بينه وبين أهله وبنى عمه ونسائه وسراريه؟ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله صهرا لمعاوية وأخته أم حبيبة تحته، فالأدب ان تحفظ أم حبيبة وهي أم المؤمنين في أخيها، وكيف يجوز أن يلعن من جعل بينه وبين رسول الله مودة أليس المفسرون كلهم قالوا هذه الآية نزلت في أبى سفيان وآله وهي قوله تعالى عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة. وكان ذلك مصاهرة رسول الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان وتزوجه ابنته على أن جميع ما ينقله الشيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت، ولم يكن القوم الا كبني أم واحدة ولم يتكدر باطن أحد منهم على صاحبه قط، ولا وقع بينهم اختلاف ولا نزاع انتهى كلامه.
وقد قصدي بعض الشيعة الزيدية لنقضه ورده بما لا غنى بنا عن ذكره هنا فقال ما ملخصه: لولا أن الله تعالى أوجب معاداة أعدائه كما أوجب موالاة أوليائه، وضيق على المسلمين تركها إذا دل العقل عليها، وأوضح الخبر عنها بقوله سبحانه: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم وبقوله تعالى: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما انزل إليه ما اتخذوهم أولياء. وبقوله تعالى: لا تتولوا قوما غضب الله عليهم. لاجماع المسلمين على أن الله تعالى فرض عداوة أعدائه وولاية أوليائه، وعلى ان البغض في الله واجب والحب في الله واجب لما تعرضنا لمعاداة من أحد الناس في الدين ولا البراءة منه ولكانت عداوتنا للقوم تكلفا
صفحة ١٢