المقدمة الثانية
حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتم الحكم بالأيمان والعدالة بمجرد الصحبة ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار الا ان يكون مع يقين الايمان وخلوص الجنان، فمن علمنا عدالته وايمانه وحفظه وصية رسول الله في أهل بيته، وانه مات على ذلك كسلمان وأبي ذر وعمار واليناه وتقربنا إلى الله تعالى بحبه، ومن علمنا أنه انقلب على عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت " ع " عاديناه لله تعالى وتبرأنا إلى الله منه ونسكت عن المجهولة حاله، وقالت العامة والحشوية، الواجب الكف والامساك عن جميع الصحابة وعما شجر بينهم واعتقاد الأيمان والعدالة فيهم جميعا وحسن الظن بهم كلهم وقال أبو المعالي الجويني منهم ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الكلام فيما شجر بين أصحابه وقال إياكم وما شجر بين أصحابي. وقال ادعو إلى أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لما بلغ مدى أحدهم ولا نصفه وقال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقال:
خيركم القرآن الذي أنا فيه ثم الذي يليه. وقد ورد في القرن الثناء على الصحابة وعلى التابعين. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وقد روى عن الحسن البصري انه ذكر عنده الجمل وصفين فقال، تلك دماء طهر الله منها أسيافنا فلا نلطخ بها ألسنتنا. ثم إن تلك الأحوال قد غابت عنا وبعدت أخبارها على حقايقها فلا يليق بنا ان نخوض فيها، ولو كان واحد من هؤلاء قد أخطأ لوجب ان يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله فيه فمن المروة ان يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في عايشة زوجته: وفى الزبير بن عمه; وفى طلحة الذي وقاه بيده، ثم ما الذي ألزمنا وأوجب علينا ان نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه
صفحة ١١