طال الثواءُ على رسوم المنزلِ ... بين اللكيك وبين ذات الحرمل
فوجود متفاعلن في هذا البيت يشهد بأنها من الكامل لا من الرجز فإن قلت: فإن فقد المبين؟ قلت المبين؟ قلت يحمل على الرجز لأصالة مستفلعن فيه وفرعيته في الكامل بهذا التغيير الخاص.
فإن قلت: فمع الوقص والخزل في جميع الأجزاء؟ قلتُ: كذلك يحمل على الرجز لأن مفاعلن فيه ناشئ عن الخبن وهو حذف ساكن، وفي الكامل عن الوقص وهو حذف متحرك، ومفتعلن في الرجز ناشئ عن تغيير واحد وهو الطي. وفي الكامل عن تغييرين وهما الإضمار والطي، فتعين الحمل على الرجز إيثارًا لارتكاب أخف الأمرين. وبيت الوقص:
يذبٌ عن حريمه بسيفه ... ورمحه ونبله ويحتمى
وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «يذب» وبيت الخزل:
منزلةٌ صمّ صداها وعفت ... أرسمها إنْ سئلت لم تجبِ
وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «الصم» .
واعلم أنه يجوز في الضرب المرفل والمذيل ما يجوز في الحشو من الزحاف.
١ذ١وبيت الإضمار في المرفل:
وغررني وزعمتَ أنّ ... كَ لابنٌ في الصيف تامر.
فقوله «فصصيفتامر» . فإن قلت: ما مراد الناظم بقوله «ولا»؟ قلت: كان مراده «ولابن» ففيه أيضًا إشارة إلى هذا الشاهد، لإلا أنه حذف بعض الكلمة اكتفاء. وقد أكثر منه المتأخرون كقول القاضي الفاضل:
لعبت جفونك بالقلوب وحبّها ... والخد ميدانٌ وصدغك صولجان
وقول ابن نباتة المصري وما أحلاه وفيه تورية:
بروحي أمرّ الناس نأيًا وجفوةً وأحلاهم تقغرًا وأملحهم شكلا
يقولون في الأحلام يوجد شخصه فقلت ومن ذا بعده يجد الأحلام وكقول عصرينا القاضي فخر الدين بن مكانس:
لم أنسَ بدرًا زارني ليلةً ... مستوفزًا ممتطيًا للخطر
فلم يقم إلا بمقدار أن ... قلتُ له أهلًا وسهلًا ومرحبا
وقلت في هذا النوع:
أقولُ لصاحبي والروض زاهٍ ... وقد فرش الربيع بساطَ زهر
تعالَ نباكر الروض المفدى ... وقم نسعى إلى وردٍ ونسرين
وقلتُ فيه أيضًا:
شقائق النعمان ألهو بها ... إن غاب من أهوى وعز اللقا
فالخد في القرب نعيمي وإن ... غاب فإني أكتفى بالشقائق
وقلت فيه أيضًا:
الدمعُ قاضٍ بافتضاحي في هوى ... رشأ يغار الغصنُ منه إذا مشى
وغدا بوجدي شاهدا ووشى بما ... أخفى فيالله من قاضٍ وشاهد
وبيت الوقص في الضرب المرفل:
ولقد شهدتُ وفاتهم ... ونقلتهمْ إلى المقابرْ
فقوله «إللمقابر» هو الضرب، وزنه مفاعلاتن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «نقلتهم» . وبيت الخزل فيه:
صفحوا عن ابنكَ إنّ في ابْ ... نكَ حدةً حين يكلمْ
فقوله «حين يكللم» هو الضرب، وزنه مفتعلاتن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «حدة» . وبيت الإضمار في الضرب المذيل:
وإذا اغتبطتُ أو ابتأسْ ... تُ حمدتُ ربّ العالمين
فقوله «بلعالمين» هو الضرب، وزنه مستفعلان. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «ابتأست» .
وبيت الوقص فيه:
كتب الشقاءُ عليهما ... فهما له ميسران
فقوله «ميسران» هو الضرب وزنه مفاعلان. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «والشقاء» . وبيت الخزل فيه:
وأجبْ أخاك إذا دعاكَ ... معالنًا غير مخافْ
فقوله «غير مخاف» هو الضرب، وزنه مفتعلان. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «مخاف» . وبيت الإضمار الجائز في الضرب المقطوع من البيت الوافي:
وإذا فتقرتَ إلى الذخائر لم تجدْ ... ذخرًا يكون كصالخ الأعمالِ
فقوله «أعمالي» هو الضرب، وزنه مفعولن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوبله «لم تجد» وبيت الإضمار الجائز في الضرب المجزوء المقطوع
وأبو الحسين وربِّ مكةَ فارغٌ مشغولُ
فقوله «مشغولو» هو الضرب، وزنه مفعولن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «فارغا» وقوله «كفى» . قال الشريف: معناه حسبك. أي هذا المقدار من الشواهد كافيك.
تنبيه حكى بعضهم أن الكامل يستعمل مشطورًا ويأتي تارةً مرفلًا، كقوله:
ابك اليزيد بن الوليد فتى العشيرة
وتارةً مذيلًا كقوله:
يا خلُّ ما لاقيتَ في هذا النهارِ
وتارةً معزى من ذلك كقوله:
حكمتْ بجورٍ في القضاء ولاتنا
1 / 60