فقوله «حهوبِ» وزنه فعولُ، وإنما كان الاعتماد في هذا المحل أولى لأن الطويل مبني على اختلاف الأجزاء لتركبه من خماسي وسباعي، فلما صار آخر البيت محذوف الضرب هكذا «فعولن فعولن» أرادوا أن يوفوه حقّه من الاختلاف الذي بني عليه في الأصل فقبضوا فعولن الأولى. «التنبيه الثاني» يلزم في هذا الضرب المحذوف أن يستعمل مردوفًا على الأشهر. والرّدفُ حرفٌ لينٍ يكون قبل الروى يليه. وله بحسب محاله ثلاث حالات: الأولى حالة اتفاق ولها صورتان: الأولى أن يكون البيت تام البناء ونقص من ضربه حرفٌ متحرك أو زنته، ومعنى بزنته حذف الساكن مع حركة ما قبله، كالقطع والقصر. ألا ترى أن قولنا «مستفعلْ» بحذف النون وإسكان اللام على وزن قولك «مستفعن» بحذف اللام، فالتزم الردف هنا ليقوم المدُّ الذي فيه مقام المحذوف فيقع التعادل بين مقطعي العروض والضرب. الصورة الثانية أن يلتفي في الضرب ساكنان، والتزم الردف هنا ليسهل الانتقال من أحد الساكنين إلى الآخر بالمد الذي هناك. هذا كله كلام ابن بريّ. قلت: وفي جعله الصورة الأولى من حالة الاتفاق نظر، فقد أجاز سيبويه في كتاب القوافي له استعمال مثل ذلك بغير ردف. قال: لقيام الوزن بالحرف الصحيح مقامه بأحرف المد واللين، وأنشد:
ولقد رحلت العيس ثم زجرتها ... قدما عليك وقلت خير معدِّ
الحالة الثانية حالة الاختلاف، وهي أن يكون البيت غير تام البناء ونقص من ضربه حرفٌ متحرك أو زنته، فهل يلزم الردف فيه أم مختار؟ قولان، والصحيح منهما هو الثاني. الحالة الثالثة حالة استحباب، وذلك حيث يوجد العروض والضرب على حد واحد من التماثل والاتفاق ولا يوجد للساكنين في حد واحدٍ منهما تلاقٍ، كقوله:
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ وعرفان ... ورسمٍ عفت آياته منذ أزمان
1 / 50