فلما سمع بذلك تنكر، وأمر بهم فقتلوا، وألقى عليهم البساط، وجلس للغذاء وإن بعضهم يسمع أنينه لم يمت بعد، حكى ذلك جماعة من المؤلفين، واختلفوا في رواية الشعر وحده؛ فأكثر الروايات موضع البيت الأول:
لا تقيلن عبد شمس عثارا ... واقطعن كل رقلة وأواس
ويروي وغراس وبعضها على ما في النسخة، ولا أدري كيف صحة ذلك، وعبد الله لم يكن يدعى بالخلافة، اللهم إلا أن يكون ذلك حين أراد خلع المنصور. وأكثر الناس يروي هذه الأبيات لسديف بن ميمون يخاطب أبا العباس السفاح، غير أن في الرواية الأولى:
نعم شبل الهراس مولاك شبل ... لو نجا من حبائل الإفلاس
وهو يشهد لما روي أولًا.
وحكى غيرهم قال: دخل العبدي الشاعر على عبد الله بن علي بفلسطين، وقد دعي به، وعنده من بني أمية اثنان وثمانون رجلًا، والغمر بن يزيد بن عبد الملك جالس معه مصلاه، قال العبدي: فاستنشدني عبد الله بن علي فأنشدته قولي:
وقف المتيم في رسوم ديار
وهو مصغ مطرق حتى انتهيت إلى قولي:
أما الدعاة إلى الجنان فهاشم ... وبنو أمية من دعاة النار
وبنو أمية دوحة ملعونة ... ولهاشم في الناس عود نضار
أأمي مالك من قرار فالحقي ... بالجن صاغرة بأرض وبار
ولئن رحلت لترحلن ذميمة ... وكذا المقام بذلة وصغار
قال: فرفع الغمر رأسه إلي، وقال: يا بن الزانية ما دعاك إلى هذا؟ وضرب عبد الله بقلنسوة كانت على رأسه الأرض، وكانت العلامة بينه وبين أهل
1 / 63