جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين - عبد القيوم السندي
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
عليك" ١، فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤه في كل حال، كما جاء في صفة أمته" أناجيلهم في صدورهم٢".
وقد ساعدهم على حفظه نزوله منجمًا ومفرقًا، ولم يكن هم الصحابة حفظ ألفاظ القرآن فحسب، بل جمعوا إلى حفظ اللفظ فهم المعنى، وتدبر المراد، والعمل بمقتضى ما تضمنه من الأحكام والآداب.
قال أبو عبد الرحمن السلمي٣: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن.. أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا٤.
ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة الواحدة، وهذا هو السر فيما روى أن ابن عمر ﵄ أقام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين٥.
أ - كتابته كله حروفًا وكلمات وآيات وسورًا.
وقد حدث ذلك في الصدر الأول ثلاث مرات:
الأولى: في عهد النبي ﷺ، حيث كان النبي ﷺ ينادي واحدًا من كتاب الوحي فيأمره بكتابة ما نزل عليه من الوحي، وكان ﷺ يرشدهم
_________
١ مسلك: صفة الجنة ونعيمها، رقم: ٢٨٦٥، مسند أحمد برقم: ١٧٤١٤ (١٣/٣٨٧)، وانظره في الوجيز للقرطبي ص:١٧٥.
٢ النشر: ١/٦.
٣ هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي الكوفي، التابعي الجليل، شيخ الحسنين ﵄،ثقة ثبت، إليه انتهت القراءة تجويدًا وضبطًا، توفي بعد (٧٠هـ)، غاية النهاية:١/١٤١، معرفة القراء: ١/٥٢، التقريب: ١/٤٠٨.
٤ أخرجه أحمد في مسنده (٥/٤١٠)،وانظره في مجمع الزوائد للهيثمي (١/١٦٥)، والوجيز للقرطبي ص:١٣٧.
٥ الموطأ، باب ما جاء في القرآن: رقم: ١١، ١/٢٠٥.
1 / 11