[ابن الوزير] قال رحمه الله : إذا عرفت هذا فاعلم أن أقوى المراسيل ما أرسله العلماء من أحاديث هذه الكتب لوجوه:
أولها: أن نسبة الكتاب إلى مصنفه معلومة في الجملة بالضرورة، فإنا نعلم بالضرورة أن محمد بن إسماعيل البخاري ألف كتابا في الحديث، وأنه هذا الموجود في أيدي المحدثين، وإنما يقع الظن في تفاصيله وما علمت جملته وظنت تفاصيله أقوى مما ظنت جملته وتفاصيله. ا ه.
[المؤلف] أقول: دعوى الضرورة دعوى لا بيان عليها، وقد عرفناك المؤاخذة آنفا، وما أدري كيف الضرورة عنده، على أنا لو سلمنا ما ذكر فكيف بالتفاصيل؟ فكيف بالطريق منها إلى النبي صلى الله عليه وآله ؟ على أنا لا ننكر شهرة هذه الكتب بين علماء الإسلام والشهرة لا تفيد العلم مع استنادها إلى انفراد الآحاد إلى الفرد مع أن كلامه هذا حجة عليه في كتب الزيدية التي قام وقعد في تضعيفها كالشفاء وغيره لوجهين:
أحدهما أن الطريق إلى مؤلفيها أقوى من الطريق إلى البخاري.
ثانيا: إما أن يكونوا لا يرسلون إلا عن عدل عندهم فأقوى ممن يرسل أو يسند عن فاسق التأويل ويرسلون عنه، مع اشتراط تحريم الكذب ورجحان الضبط، فإذا هم والصحاح سواء، ولا محيص من أحدهما إلا بدعوى الجهل، وفقدانه فيهم ظاهر لمن أنصف، كيف وأكثر الجروح من المطلق المدفوع المنوه بعدم جريه في مصنفاتك رحمك الله!
صفحة ٣٩