[المؤلف] قلت: ومثل هذا لا يضر المترسل ولا ينفع المجيب، وأما الإجماع فإنما استفاده من قولهم: أخرجه البخاري أخرجه مسلم، وقد يتفق مثل ذلك بالنسبة لا بالمعنى صحت تلك النسبة لديهم، على أنا لو فرضنا فليس كل مجتهد في كل عصر نقل عن الصحيحين، وصح له ذلك على أن من أهل البيت القدماء من منع من القراءة في كتب العامة، كما ذلك مشهور عن الحسن بن يحيى بن زيد وغيره إلا من عارف، وعدم علمك ليس بحجة مع علم غيرك.
[ابن الوزير] وقوله: حتى إن المعترض زعم أن البخاري مبتدع بل كافر صانه الله عن ذلك، واحتج عليه بشيء نقله من صحيحه يدل على أن البخاري يؤمن بالقدر، مع أن التكفير عند الزيدية والمعتزلة لا يجوز إلا بنقل متواتر، فكيف يحتج على البخاري بما في صحيحه وهو عنده لا يصلح بطريق ظنية؟!
[المؤلف] فالجواب: أما كونه مبتدعا فظاهر على مذهب العدلية وله مصنف في خلق الأفعال وهو ممن اشتهر عنه القول بقدم القرآن إلا أنه خالفهم في اللفظ به هل قديم أو مخلوق؟
وأما كفره فليس بصحيح لما ذكره رحمه الله لا سيما بطريق الآحاد على أن البخاري لم ينقل إلا ما قد حكينا في كتبنا عند الرد فلا يلزمه الكفر، كيف وقد نقلنا ما هو أعظم كمذاهب المشركين وأهل الكتاب، فالله المستعان الحق أحق أن يتبع!
[ابن الوزير] قال رحمه الله : الوجه السادس: إن كلام هذا المعترض مبني على تحريم قبول المراسيل كلها، وما أدري لم بنى كلامه على هذا وهو لا يدري باختيار خصمه؟ ...إلى قوله: فجواز قبول المراسيل مذهب المالكية والمعتزلة والزيدية ونص عليه منهم أبو طالب في المجزي والمنصور في كتاب(صفوة الاختيار)...إلخ.
[المؤلف] قلت: إن كان للمترسل غير هذه العبارة المحكية فيمكن، وما حكاه من المذاهب فصحيح مع كون المرسل لا يرسل إلا عن عدل، وأما هذه العبارة فلم يظهر لي من السياق لزوم عدم قبول المراسيل، فتأمل!!
صفحة ٣٨