[ابن الوزير] قال رحمه الله : الوجه السابع: إن أقصى ما في الباب أن يروي المحدث عن المجاهيل من المسلمين والمجاهيل من العلماء فقد قال بكل من ذلك من أهل العلم المجمع على فضلهم وثباتهم من لا يحصى، فقد ذهبت أئمة الحنفية إلى قبول المجهول من أهل الإسلام، وذهب إلى ذلك كثير من المعتزلة والزيدية وهو أحد قولي المنصور بالله ذكر ما يقتضي ذلك في كتابه (هداية المسترشدين) وهو الذي ذكره عالم الزيدية ومصنفهم وعابدهم وفقيههم عبد الله بن زيد العنسي ذكره في (الدرر المنظومة) بعبارة محتملة للرواية عن مذهب الزيدية كلهم وهو الذي أشار إلى ترجيحه أبو طالب في كتاب (جوامع الأدلة) وتوقف فيه في كتاب (المجزي)...إلخ.
[المؤلف] أقول: شروط الزيدية معروفة صريحا، وأما الفلتات والمحتملات فلا ندعي لهم العصمة، وهذه مصنفاتهم منادية على عدم قبول رواية المجهول بل الغالب عليهم جزم [عدم] قبول رواية فاسق التأويل فكيف بالمجهول، ومدعي الغرائب مطالب بالبرهان، وكلام المنصور مصرح به في (شرح السيلقية) عند ذكر معاوية بن أبي سفيان على أن اختيار المتأخر لا يضر مذهب المتقدم من أئمتنا قرناء الكتاب ورؤساء أولي الألباب.
وأما الحنفية فينظر في النقل عنهم من جواز قبول رواية المجهول مطلقا، قال في (مرآة الأصول) وشرحها (مرقاة الأصول) من أصول الحنفية في بحث حال الرواة ما لفظه: وهو إن عرف بالرواية فإن كان فقيها تقبل منه الرواية مطلقا سواء وافق بالقياس أو حالته وإن لم يكن فقيها كأبي هريرة وأنس فترد روايته إن لم يوافق الحديث الذي رواه قياسا.
[ابن الوزير] قال: فأقول: يمكن أن يحتج لهما بحجج قرآنية وأثرية ونظرية، أما القرآنية فقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[النحل:43] فإطلاق هذا الأمر القرآني يدل على وجوب سؤال جميع العلماء إلا ما خصه الإجماع وهو الفاسق المتعمد.
صفحة ٤٠