============================================================
(فمن يملك من آلله شييا إن أراد أن يهلك المسيح أتب مزيم وأمه ومن فى الأرض جميعا) [المائدة: 17] ولمعرفتهم أيضا ورؤيتهم الحكمة والصواب في الانتقام من أهل المعاصي.
وإنما ذكر بكلمة (إنما) ليدل بلفظه على انتفاء الخشية من غير العلماء، وبفحواه على انتفاء العلم ممن لا يخشى، لأن العلم سبب ولا يتخلف السبب عن المسبب، فالخشية من لوازم العلم فينتفي العلم عمن لا يخشى الله تعالى لانتفاء الملزوم بانتفاء اللازم.
تقول مثلا: إنما يدخل الذار بغدادي، فينتفي دخول غير البغدادي الدار، ولا يلزم منه كون غير الداخل ليس ببغدادي، إلا أنه يدل على كؤنه بغداديا سببا لإجازته لدخول الدار، فينتفي كون الشخص بغداديا بانتفاء هذه الإجازة، وليس كونه بغداديا سببا لدخول الدار حتى ينتفي كونه بغداديا بعدم دخوله الدار. فافهم فإنه مزلة قدم.
الزهد والتقوى مفتاح الطريق: فظهر من فخوى هذه الآية أن الطريق مسدود عن اتصباب المعارف التي هي علوم الحقائق الموجودات من ذات الواجب وصفاته وسائر الوجودات، ومسدودة أيضا عن مقامات القرب التي هي الأخلاق والأعمال إلا بالزهد والتقوى عن محبة الدنيا وعن محبة المكاره والفضول وعن محبة النفس وصفاتها فإنها حينئذ تفتح الطريق ويكون طالبها من أولثك الفريق، وذلك أن أدنى معصية تكون حجابا عن القلب حتى تمنعه الصفاء عند ذكر الله ونحوه من الأعمال الصالحة، فيكون منعا من مواطئة الباطن الظاهر ولو بوجه ما وذلك نفاق في طريق الخواص.
صفحة ١٠٧