============================================================
لأنك وصلت إلى هذا المقام ولأنك موضوع عنك وزرك وثقل وجودك وممحو عنك وهم آتيتك فحالك يناسب هذا التشريف وهذه الخصوصية لا ما يظنه العوام المنهمكون في الشهوات المتصفون بحظوظ النفس، بل قال سيدي يوسف ابن أسباط(1) تفع الله به: يطيع الله كل أحد ويعصيه إلا المحب.. وقال الأستاذ أبو الحسن الشاذلي نفع الله به: أبت المحبة أن تستعمل ثحبا إلا فيما يوافق محبوبه. انتهى.
قلت: وكأني بمعترضي من الأنام قد فوق إلي سهام الملام، وقال: قد أطال صاحب هذه التعليقة في هذا المرام الكلام، وكأنه لم يغرف المناسبة الحاملة لي على إثبات هذه الفوائد العظام، أي ما يدري أن لفظ سالك يجر جميع ذلك، أو كل ما ذكر يحتاج إلى التنبيه عليه طالب سلوك طريق الحق لئلا يقع فيزل أو يتزندق، هذا ولعمري إن ما تركنا التنبيه عليه أكثر والعارف المحقق النحرير بذلك أخبر، ولكن بما ذكرناه من لوائح الإشارات يتدرج السالك إلى ما تركناه من صريح العبارات، وعلى كل حال فالأعمال بالنيات والله العالم بخافي الطويات.
أسباب خشية العلماء: وأما قوله في النظم (فاعلمه واعمل)(2)، ففيه إشارة خفية إلى إنكار إطلاق العلم على المخل بالتقوى، قال الله تعالى: ( إنما يخشى آلله من عباده العلمؤا (فاطر: 28]. أي لا يخشى الله من عباده إلا العلماء به، وذلك لمعرفتهم بأنواع مكره تعالى وعدم مبالاته بإهلاك العالم كله، قال الله تعالى: (1) يوسف بن أسباط: أحد الصوفية الزهاد العباد، من أهل القرن الثاني الهجري توفي بعد سنة 190ه الشعرافي: الطبقات الكبرى 1: 61- 12.
(2) أي في الأبيات المتقدمة التي نظم فيها أنواع الخواطر:
صفحة ١٠٦