ففيما وضعناه دليل وبرهان، أن القوة من الله جل ثناؤه في عباده قبل فعالهم، إذ كان بطاعته لهم آمرا، وعن معصيته لهم ناهيا، نعمة أنعم بها الله عليهم، وأحسن بها إليهم. والقوة عندنا على الأعمال هي الصحة والسلامة من الآفات في النفس والجوارح، وكل ما يوصل به إلى الأفاعيل، إذ كانت الصحة والسلامة تثبت الفرض، وإذا زالت زال الفرض، ذلك موجود في العقول، وفي أحكام الله جل ثناؤه، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي إجماع الأمة . لا يعرفون غير ذلك، ولا يدينون إلا بذلك.
فليتق الله عبده، وليعلم أن الله جل ذكره يبتدئ العباد بالنعم والبيان، ولا يبتدئهم بالضلال والطغيان، صدق ذلك قوله لا شريك له: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [الإسراء:15]. وقال جل ثناؤه: { وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } [التوبة:115].
صفحة ٢٥٩