ألا إن الرقي من جهة العقل ليس هو كل شيء يطلبه الإنسان في حياته الدنيا، ولكن الرقي الصحيح هو الرقي الوجداني الذي يقتاد صاحبه إلى الفضائل والكمالات، وإنما قامت الديانات على الفضائل والكمالات، وكمال الآداب.
قال الله تعالى وهو أصدق القائلين لرسوله الكريم محمد
صلى الله عليه وسلم : )
وإنك لعلى خلق عظيم ( ، )
ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ( .
وقال الرسول الكريم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي.» وقال أيضا: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.»
وقال السيد المسيح (عيسى عليه السلام): «الله روح الذين يسجدون له، فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا.»
وما نحن بقادرين على أن نوفي الموضوع حقه من الاستزادة والبحث، وليس يتسع المقام لذلك، وإنما سبيلنا هنا أن ندل على أن الغرض من وجودنا على هذه الأرض هو الرقي الأدبي الخلقي، والترفع عن الرذائل؛ استعدادا للحياة الصحيحة الراقية، حياة السعادة الأبدية والهناء الدائم، فالعلم في تبديل وتغيير، والعقل يخطئ ويشط ويشرد، أما الكمال الخلقي فرقي صحيح، وسعادة واتجاه إلى الحقيقة.
انظر كيف قلبت نظرية أينيشتين العلم رأسا على عقب، وانظر كيف بدل وغير ظهور «الراديوم» في جو العلم، أما الكمال الخلقي فثابت لا يعتوره التغير، وإنما هو صوب السعادة والحياة الحقة أبدا.
ليس في الإمكان أبدع مما كان
صفحة غير معروفة