الباب الرابع والثمانون: في الأمر بالمعروف
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: الأمر بالمعروف واجب لأن الله تعالى قال: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون} فقد ذمهم بتركهم الأمر بالمعروف، وقال عز وجل: { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم)) ثم الأمر بالمعروف على وجوه: فإن كان يعلم بأكثر رأيه أنه لو أمر بالمعروف لكان يقبل منه ويمتنعون وينتهون عن المنكر فالأمر بالمعروف واجب عليه ولا يسعه تركه، ولو علم بأكثر رأيه أنه لو أمرهم بذلك ما كان يقبل منه بل قذفوه وشتموه فتركه أفضل، ولو علم أنهم لو ضربوه لا يصبر على ذلك وتقع العداوة بينهم ويهيج منه القتال فتركه أفضل، وكذلك لو علم أنهم لو ضربوه صبر على ذلك ولا يشكو إلى أحد ويصبر فهذا لا باس به بأن ينهى عن ذلك وهو مجاهد في ذلك عمله عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ولو علم أنهم لا يقبلون منه ولا يخاف منهم ضربا ولا شتما فهو بالخيار إن شاء أمرهم وإن شاء تركهم والأمر أفضل. وروى أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا رأى أحدكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) يعني ضعف فعل أهل الإيمان. قال: وكل بلدة يكون فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء: إمام عادل لا يظلمهم شيئا، وعالم على سبيل الهدى، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحرضون على تعاليم القرآن والعلم، ونساء مستورات لا يتبرجن تبرج الجاهلية وقال بعضهم: الأمر بالمعروف باليد على الأمراء، وباللسان على العلماء، وبالقلب لعوام الناس، والله تعالى أعلم.
الباب الخامس والثمانون: في النكاح
صفحة ٣٦٦