سد الذرائع في مسائل العقيدة
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الرابعة والثلاثون العدد (١١٤)
سنة النشر
١٤٢٢هـ/٢٠٠٢هـ
تصانيف
المبحث الثالث: بعض أحاديث سد الذرائع المتعلقة بالشرك الأكبر٠
بعث رسول الهدى ﷺ رحمة للعالمين وهداية للناس أجمعين، وكان ﷺ حريصا كل الحرص على رجوع العباد إلى ربهم وعبادتهم له وحده، وكان توحيد العبادة على رأس المهمات التي ركز عليها ﷺ، بل هو لُبَّ دعوته ودعوة إخوانه من الأنبياء والمرسلين، ولذلك لا نجد عجبا حينما نجد كتب السنة قد امتلأت بكثير من الأحاديث التي حذر فيها النبي ﷺ أمته من الشرك، واحتاط ﷺ لهذا الأمر احتياطا عظيما بالغا، فسد الذرائع وأغلق أي باب يؤدى إلى الشرك، وأكَّد وكرر ونهى وحذر في مواقف مختلفة متعددة، حتى وقع ذلك منه ﷺ وهو على فراش الموت٠
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"وقد كان النبي ﷺ يحقق هذا التوحيد لأمته، ويحسم عنهم مواد الشرك، إذ هذا تحقيق قولنا "لا إله إلا الله"، فإن الإله هو الذي تألهه القلوب لكمال المحبة والتعظيم والإجلال والإكرام والرجاء والخوف" ١٠
وهذه نبذة يسيرة مما قاله ﷺ في ذلك٠
١- نهى عن الغلو فيه حتى لا يكون ذلك ذريعة إلى عبادته من دون الله، أو مع الله٠
فعن عمر بن الخطاب – ﵁ – قال: سمعت النبي ﷺ يقول: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله" ٢ والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه ٣، ولذلك نهى عنه النبي ﷺ حتى لا تقع أمته فيه، وتفعل كما فعلت النصارى بعيسى بن مريم٠
_________
١ مجموع الفتاوى جـ١ /١٣٦.
٢ أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب ٤٨ جـ٦ / ٤٧٨، والدرامي في كتاب الرقائق جـ٢ /٣٢٠، وأحمد في مسنده جـ١/٢٣، ٢٤، ٤٧، ٥٥.
٣ النهاية في غريب الحديث والأثر جـ٣/١٢٣.
1 / 197