بلاغ الرسالة القرآنية
الناشر
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
ذلك أن القرآن جاء -وهو من رب العالمين- بلاغًا إلى الناس أجمعين، يحمل رسالة ذات مضامين من النبأ الرباني العظيم، نبأ الخلق، ونبأ الكون، ونبأ الغيب، ونبأ الشهادة، ونبأ الحياة، ونبأ الموت، ونبأ البعث القريب .. ونبأ الأمر الإلهي الحكيم في ذلك كله. وكلف رسوله ببلاغه جميعًا إلى الناس، فقال له ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة:٦٧]، وقال أيضًا: ﴿قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا. إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن:٢٢،٢٣]، وقال سبحانه: ﴿هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب﴾ [إبراهيم:٥٢]، وقال: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ [الرعد:٤٠]، ومن أشد المعارض القرآنية لهذا المعنى وقعًا على النفس؛ قوله تعالى للمؤمنين من هذه الأمة -بعد آية تحريم الخمر مباشرة-: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة:٩٢]، ونحو ذلك كثير في القرآن الكريم؛ مما ينطق عن طبيعته (البلاغية) بالمعنى الرسالي للكلمة، وما ينتج عن ذلك من إعذار وإنذار، ومن ثقل الأمانة الملقاة على عاتق كل مسلم، بل كل إنسان بلغته الرسالة.
ومن هنا فما كان رسول الله ﷺ يدعو إلى الله إلا بهذا القرآن، استجابة لقوله تعالى: ﴿فَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ
1 / 51