وللصيد لذة مشتركة موجودة في طباع الأمم، وكأنها في سكان البدو والأطراف أقوى لمصاقبتهم الوحش ومنازلتهم إياها، فلا تزال تراهم لها ذاكرين، وبها متمثلين، ومنها طاعمين، حتى أن نساءهم ليتصيدن على الخيل، ذكر ذلك بعض الرواة فقال: أتيت مكة فجلست في حلقة فيها عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، وإذا هم يتذاكرون العذريين وعشقهم وصبابتهم فقال عمر: أحدثكم بعض ذلك، أنه كان لي خليل من بني عذرة وكان مستهترا بحديث النساء والصبوة إليهن وينشد فيهن، على أنه كان لا عاهر الخلوة ولا سريع السلوة، وكان يوافي الموسم في كل سنة فإذا أبطأ ترجمت له الأخبار وتوكفت له السفار حتى يقدم، فذا قدم تحدثنا حديث عاشقين صبين محزونين، وأنه التاث علي ذات سنة خبره، حتى قدم وافد عذرة، فأتيت القوم انشد عن صاحبي، فإذا غلام يتنفس الصعداء ثم قال: اعن أبي المسهر تسأل؟ قلت عنه نشدت، وإياه أردت، قال: هيهات هيهات، أصبح والله أبو المسهر لا مأيوسا منه فيهمل ولا مرجوا فيعلل، أصبح والله كما قال الشاعر:
لعمرك ما حبي لأسماء تاركي ... صحيحا ولا اقضي بها فأموت
قلت: وما الذي به؟ قال: مثل الذي بك من تهالككما في الضلال، وجركما أذيال الخسار كأنكما لم تسمعا بجنة ولا نار، قلت: من أنت يا ابن أخي؟ قال: أنا أخوه، قلت: أما والله ما يمنعك أن تركب
صفحة ٣١