فتفت في عضده عند من حضره من أهل مملكته، فقال: ما سألت شططا، ثم رمى التيوس من الظباء فألقى قرونها فصارت كالإناث، وجعل يرمي كل واحدة من الإناث بسهمين، فيثبتهما في موضع القرنين، فتعود كأنها تيس، فلما تم له ذلك على ما طلبته منه عطف عليها فقتلها، خوفا من أن تسومه بعد ذلك بفضل همتها وقريحتها، خطة يقصر عنها فتفضحه.
وذكر الأصمعي عن الحرث بن مصرف قال: ساب رجلا بحضرة بعض الملوك، فقال: أيها الملك أنه قتال ظباء، طلاب إماء، مشاء بإقراء، أقعر الآليتين، مقبل النعلين، أفحج الفخذين، مفجح الساقين، فقال له أردت أن تذمه فمدحته.
الإقراء جمع قري وهو مسيل نهر، وأقعر الآليتين ممتلئهما، مفجح الفخذين متباعد هذه من هذه، وهذا المصرف يضرب مثلا في طلاب الأمر عليه، وتقسم رأيه في مناجزتهم، فيجعل نفسه كلب صيد، ويجعلهم ظباء فيقول:
تفرقت الظباء على خراش ... فما يدري خراش ما يصيد
فيقال إنه من شعره ويقال إنه تمثل به.
ووقف بعض الملوك بصومعة حكيم من الرهبان فناداه فاستجاب له فقال له: ما اللذة؟ فقال له: كبائر اللذات أربع، فعن أيها تسأل؟ فقال: صفهن لي، قال: هل تصيدت قط؟ قال: لا، قال فهل لك حظ في السماع والشرب؟ قال: لا، قال: فهل فاخرت ففخرت أو كاثرت فكثرت؟ قال: لا، قال: فما بقي لك من اللذات؟
صفحة ٣٠