بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
تصانيف
قد حاول مرة ثانية سنة 1506 أن يغير خط التحديد فيجعله على بعد 270 غلوة غربي جزر «رأس فيرد»
Cape Verde Ialands
وهنا عاود المؤمنون الاعتقاد بأن الحكمة القدسية هي التي أمدتهم بذلك الحل الثابت. ولكنهم لم يلبثوا على ذلك إلا قليلا حتى عصفت رياح الخلاف وتشابكت حلقات الفوضى؛ لأن البرتغاليين زعموا أن من حقهم امتلاك البرازيل، وكان في إمكانهم أن يثبتوا - بالضرورة - أن في مستطاعهم أن يصلوا إليها بأن يبحروا من شرقي خط التحديد، على شريطة أن يمعنوا في سفرهم طويلا، ولا يبعد أن نرى الخطين اللذين رسمهما البابوان إسكندر السادس ويوليوس الثاني، على الخرائط التي وضعت في ذلك العصر. غير أن أمريهما القديسين قد انحدرا مع الزمان إلى حيث نسيا وأهمل أمرهما، مع ما يماثلهما من الأخطاء التي ثبتت أن الإنسان جدير بما نزل به من وكوارث وملمات.
ومع كل هذا فإن الحواجز اللاهوتية التي كانت تحجب هذه الحقيقة الجغرافية عن البصائر لم تزل إلا تدرجا. وعلى الرغم من أن هذه الحقيقة كانت قد أصبحت جلية واضحة لأعين طلاب العلم والباحثين؛ فإنهم تلكئوا في إعلانها والتبشير بها للناس زمانا. فإن مائة وألفا من السنين كن قد مضين منذ أن برهن القديس «أوغسطين» على أنها مناقضة لنصوص الكتاب المقدس، حتى أذاع «غريغوري رييش»
Gregory Reysch
موسوعته المشهورة التي أسماها «مارغار نيتا فيلوزوفيقا»
Marganita
ولقد توالت طبعات هذه الموسوعات الطبعة بعد الأخرى، فلم تغفل طبعة منها ذكر الفكرة الأورثوذكسية إزاء هذه الحقيقة. غير أن تلك الآراء اللاهوتية كانت قد أخذت في الاضمحلال والسقوط؛ فإن «رييش» على الرغم من أنه ذكر بكل احترام وإجلال أن القديس «أوغسطين» قد مضى معارضا لهذا المذهب فإنه كان حريصا على أن لا يذكر شيئا من نصوص الكتاب المقدس ليتخذها برهانا على فساده، ولم يكن بأقل حرصا على أن يذكر الحقائق الجغرافية التي تؤيد صحته.
غير أن العلم قد انتصر انتصارا فاصلا في سنة 1519؛ فإن «ماجلان»
Magellan
صفحة غير معروفة