بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
تصانيف
قد شعر بوجوب مقاومته فقضى بأنه مذهب «غير مأمون الجانب». وكان ذلك في عصر «كولمبوس»، وقد صب براهين القديس «أوغسطين» في القياس المنطقي الآتي: «إن الرسل قد أمروا بأن يذهبوا في كل نواحي الأرض ليبشروا بآيات الكتاب المقدس. ولكنهم لم يذهبوا إلى ذلك المكان الذي يقطن به «الأنتيبود» ولم يبشروا بالآيات لكائن ما هنالك. وعلى هذه المقدمات، ينتج أن «الأنتيبود» وهم لا حقيقة.»
وما الحرب ضد «كولومبوس» بشيء بعيد عن الأذهان. وليس بغائب عنا كيف أهانه أسقف «سيوتا»
Seuta
وازدراه في البرتغال. وكيف جلبه رجال من أقدر من أنبتت إسبانيا رجاحة عقل في تلك الأزمان بتلك النصوص المعروفة في المزامير وفي رسائل القديس «بولص»، وفي براهين القديس «أوغسطين». وكيف أن الكنيسة حتى بعد فوزه، وبعد أن قوت رحلته إلى العالم الجديد فكرة كروية الأرض تلك الفكرة التي تمت بأكبر آصرة لمذهب «الأنتيبود» قد مضت وعلى رأسها الحبر الأقدس، جانحة إلى اتباع طريق ما كان يؤدي بها إلا إلى التعثر في وعثاء الخيال. ففي سنة 1493 لجئ إلى البابا «إسكندر السادس»
Alexaner VI
ليكون حكما يفصل في ما تدعيه كل من دولتي إسبانيا والبرتغال من حق في البقاع المستكشفة حديثا، فأصدر أمرا بابويا واضعا على كرة الأرض خطا وهميا يفصل بين ممتلكات الدولتين. ورسم هذا الخط - ويدعى اصطلاحا خط التحديد - من الشمال إلى الجنوب واقعا على مائة غلوة
12
غربي جزر «الأزورس»
Azores . ولقد أعلن «البابا» - في كثير من الثقة بما أوتي من العلم والحكمة - أن كل البقاع التي تستكشف شرقي هذا الخط تكون من حق البرتغال، وكل ما يستكشف غربيه يكون من حق إسبانيا. ولقد هلل لهذا الحكم المؤمنون كأنه صادر من قوة قدسية محبوة بكل كمالات العلم والحكمة التي استمدتها الكنيسة من عالم الغيب. ولكن العقبات توالت وشيكا؛ حتى إن البابا «يوليوس الثاني»
Juluis II
صفحة غير معروفة