============================================================
114 في منطوق الآية ولا مفهومها تثنية العين ولا حقيقتها، فمنطوق الآية يتحدث عن العين بصيغة الجمع وليس التثنية، فهل يفهم من ذلك أن لله أكثر من عينين اثنتين؟ تعالى الله عما يصفون، ثم أنقل هنا بعضا من كلام السلف المعتبرين لتقف على حقيقة المسألة.
ايقول الإمام القرطبي رحمه الله في "الجامع لأحكام القرءان" (9: 30) في تفسير هذه الآية ما صورته: "أي اعمل السفينة لتركبها أنت ومن آمن معك بأعيننا} أي بمرأى منا وحيث نراك، وقال الربيع ابن أنس: بحفظنا إياك حفظ من يراك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بحراستنا، والمعنى واحد، فعبر عن الرؤية بالأعين؛ لأن الرؤية يكون بها، ويكون جمع العين للعظمة لا للتكثير كما قال تعالى: فنعم القدرون فنعم المكهدون} وانالموسعون} وقد يرجع معنى الأعين في هذه الآية وغيرها إلى معنى "عين" كما قال: ولنصنع على عينى} وذلك كله عبارة عن الإدراك والإحاطة، وهو سبحانه منزه عن الحواس والتشبيه والتكييف لا رب غيره، وقيل: المعنى بأعيننا} أي بأعين ملائكتنا الذين جعلناهم عيونا على حفظك ومعونتك، فيكون الجمع على هذا للتكثير على بابه، ل وقيل: بأعيننا} أي بعلمنا قاله مقاتل، وقال الضحاك وسفيان: بأعيننا} بأمرنا، وقيل: بوحينا، وقيل: بمعونتنالك على صنعها.
ل هذا فيما يتعلق بالآية التي استدل بها الشيخ.
وكذلك منطوق الحديث السابق ليس فيه مايدل مطلقا على ما قاله، والأغرب والأعجب من ذلك كله استدلاله بحديث الدجال على أن لله عينين حقيقيتين، مدعيا أن الإجماع على أن هذه عقيدة السلف رضوان الله عليهم، ولم أجد أحدا- ممن يعتمد قوله من السلف أو الخلف - استدل بمثل هذا الاستدلال الغريب، وأنقل لك كلام الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" تعليقا على هذا حديث الدجال، قال ماصورته: "إنما اقتصر على ذلك مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة لكون العور اثر محسوس يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية، فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة والإله يتعالى عن النقص علم أنه كاذب" انتهى.
فالنبي وللة يصف الدجال حتى يعرفه الناس، ومن صفته أنه أعور العين اليمنى، وليس فيه دلالة العلى أن لله عينين، فأين وجه الدلالة في هذا الحديث؟ وأما قول النبيل: "إن الله ليس بأعور" ففيه نفي للألوهية المكذوبة والمزعومة التي يدعيها الدجال لعنه الله ومن شايعه، وفيها كذلك نفي النقص والعجر والعيب عن الله، وليس إثبايا للعينين اللتين هما جارحتان، تعالى الله عن ذلك. =
صفحة غير معروفة