الفصل الثاني : في لباس النصارى وقد نهيتهم عن ذلك ، فقال المعترض المجادل عن الذين يختانون أنفسهم : لا يخفى على شيخنا أن اللباس ليس من العبادات ولا من الاعتقاديات ، إنما هو من العادات ، ولقد صرح الأثر عنه صلى الله عليه وسلم أهديت له كرزية من الروم ضيقة الأكمام ، كان إذا أراد الوضوء ، يخرج الوضوء من أذيالها ، وأيضا فلابس الكوت ، لا يقال له لابس لباس المشركين ، لأن هذا الكوت أخذه المسلمون ، فعربوه وفصلوه تفصيلا غير تفصيل المشركين ، فالبعض زاد طوله ، والبعض نقض من الطرفين - الطول والعرض - وغير ذلك ، ولربما الخائط كان مسلما ، نعم لو لبس الكوت والبنطلون والبرنيطة ، وعقد الزنار ، وعلق الصليب في عنقه من غير إكراه فهذا لابس لباس المشركين ، وأيضا فالكوت منفردا ، أخف إضاعة مال من الجوخة والبشت ، المنقوشين بالقصب المفضض ، البالغ فوق الحاجة ، ماية روبية وخمسين ، وأقلها ثلاثين روبية ، وخمسين روبية ، وأقلها ثلاثين روبية وأي إضاعة أكثر من هذا ، إذ ثمن واحد من هذين يسد حاجة جم غفير من الفقراء وهاهم جياع ، وأيضا فالكوت ليس من خصوصيات لباس النصارى فقد شوركوا فيه ، أيضا أكل مستعمل المشركين حرام علينا ؟ فالكوت تلبسه الزنجباريون بعدما يلبسون الإزار والقميص والكمة والعمامة ، بدلا من الجوخة لخفته على الجسد ، وأقل مغرما وإن كانت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ليس فيها توسع لهذا الكوت ، فالأولى لأهل زنجبار الخروج من زنجبار ولا فائدة في قوله صلى الله عليه وسلم : ( جئت ميسرا لا معسرا ) .
لأن زماننا هذا الملبوس والمأكول والمشروب ، غالبه من عمليات المشركين ، وترك أفريقية للمشركين ، مما تطلبه المشركون في دهرها ولا قائل به إذ لم يمنعونهم دينهم .
صفحة ٢٠