التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ﷺ، ويلجأ إلى التوسل بالعباس أو غيره لو كان التوسل بالنبي ﷺ ممكنًا، وما كان من المعقول ان يقر الصحابة رضوان الله عليهم عمر على ذلك أبدًا، لأن الإنصراف عن التوسل بالنبي ﷺ إلى التوسل بغيره ما هو إلا كالإنصراف عن الإقتداء بالنبي ﷺ في الصلاة إلى الإقتداء بغيره، سواء بسواء، ذلك أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يعرفون قدر نبيهم ﷺ ومكانته وفضله معرفة لا يدانيهم فيها أحد، كما نرى ذلك واضحًا في الحديث الذي رواه سهل بن سعد الساعدي ﵁: أن رسول الله ﷺ ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس، فأقيم؟ قال: فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله ﷺ والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله ﷺ، فأشار إليه رسول الله ﷺ أن أمكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله ﷿ على ما أمره به رسول الله ﷺ من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي ﷺ فصلى ثم انصرف، فقال: "يا أبا بكر: ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ " قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله ﷺ؟ ١.
فأنت ترى أن الصحابة ﵃ لم يستسيغوا الاستمرار على الإقتداء بأبي بكر ﵁ في صلاته عندما حضر الرسول ﷺ، كما أن أبا بكر ﵁ لم تطاوعه نفسه على
_________
١ رواه البخاري "٣٧٦ مختصره" ومسلم "٤/١٤٥- ١٤٩ بشرح النووي".
1 / 57