التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
المطر مثلًا نذهب إلى النبي ﷺ، ونطلب منه ان يدعو لنا الله جل شأنه.
٣- ويؤكد هذا ويوضحه تمام قول عمر ﵁: وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، أي إننا بعد وفاة نبينا جئنا بالعباس عم النبي ﷺ، وطلبنا منه أن يدعو لنا ربنا سبحانه ليغيثنا.
تُرى لماذا عدل عمر ﵁ عن التوسل بالنبي ﷺ إلى التوسل بالعباس ﵁، مع العلم ان العباس مهما كان شأنه ومقامه فإنه لا يذكر امام شأن النبي ﷺ ومقامه؟
أما الجواب برأينا فهو: لأن التوسل بالنبي ﷺ غير ممكن بعد وفاته، فأنى لهم أن يذهبوا إليه ﷺ ويشرحوا له حالهم، ويطلبوا منه أن يدعو لهم، ويؤمنوا على دعائه، وهو قد انتقل إلى الرفيق الأعلى، وأضحى في حال يختلف عن حال الدنيا وظروفها مما لا يعلمه إلا الله ﷾، فأنى لهم أن يحظوا بدعائه ﷺ وشفاعته فيهم، وبينهم وبينه كما قال الله عز شأنه: ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ ١.
ولذلك لجأ عمر ﵁ وهو العربي الأصيل الذي صحب النبي ﷺ ولازمه في أكثر أحواله، وعرفه حق المعرفة، وفهم دينه حق الفهم، ووافقه القرآن في مواضع عدة، لجأ إلى توسل ممكن فاختار العباس ﵁ لقرابته من النبي ﷺ من ناحية، ولصلاحه ودينه وتقواه من ناحية آخرى، وطلب منه أن يدعو لهم بالغيث والسقيا. وما كان لعمر ولا لغير عمر أن يدع التوسل بالنبي
_________
١ سورة المؤمنون: الآية ١٠٠.
1 / 56